مليارات منهوبة وغياب للمحاسبة .. فضائح فساد تهز المؤسسات الحكومية وتفقد ثقة الشعب بقيادات الدولة
كشف تقرير حديث للنائب العام اليمني، استنادًا إلى تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وبلاغات أخرى، والمقدم الى رئيس مجلس القيادة الرئاسي عن فضائح فساد ضخمة في السلطات المحلية بالمناطق المحررة، تعكس حجم الفوضى والتلاعب بالمال العام والوظيفة العامة.
وأبرز التقرير قضية محافظ سابق متهم باختلاس عشرات المليارات من الأموال العامة، حيث تم تجميد نحو 27 مليار ريال من أرصدته في البنوك.
ورغم القرارات القضائية، يرفض المحافظ المثول أمام القضاء، ما يشير إلى وجود دعم سياسي أو حماية خاصة تعيق سير العدالة.
وأوضح التقرير أن هذه الأموال، التي تعادل حوالي 13.5 مليون دولار أمريكي، تمثل جزءًا من المبالغ المنهوبة خلال فترة توليه المنصب، وتشمل ممارسات فساد مثل التلاعب بالموارد العامة ونهب المال العام.
وتمتد مظاهر الفساد إلى إدارة الموارد الطبيعية، خاصة في المحافظات النفطية مثل مأرب وحضرموت وشبوة.
حيث أظهرت تحقيقات صحفية وجود تلاعب كبير في عوائد النفط والغاز، حيث يتم العبث بعقود البيع وأسعارها، مما يقلل من الإيرادات المتوقعة.
وفي هذا الصدد أشارت تقارير إلى ان شركة "بترومسيلة" النفطية تواجه اتهامات بعدم توريد أي من عوائد تصدير النفط منذ تأسيسها، حيث تتحصل على 30 مليون دولار عن كل شحنة نفط دون أن يتم إدراج هذه العوائد في خزينة الدولة.
كما أظهرت تقارير أن المسؤولين في هذه المحافظات يتلاعبون بالبيانات المالية ويحرفونها لصالح جهات مستفيدة، مع إخفاء المعلومات عن كيفية تخصيص الموارد وصرفها، مما يثير تساؤلات كبيرة حول مصير الإيرادات.
ويعكس رفض المسؤولين المتهمين المثول أمام القضاء، أو المماطلة في تنفيذ الأحكام، ضعف الأجهزة الرقابية والقضائية أمام نفوذ الفاسدين.
ويؤدي هذا إلى تآكل ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تعصف بالبلاد.
ويرى خبراء الاقتصاد أن اليمن بحاجة ماسة إلى إصلاحات شاملة في النظام الإداري والمالي لتعزيز الشفافية والمساءلة.
وأوصى الخبراء بضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية وضمان استقلالية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومنحه صلاحيات أوسع.
وأكدوا على أهمية تعزيز الشفافية ونشر بيانات الإيرادات والنفقات بشكل دوري، خاصة في القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز.
بالإضافة إلى إشراك المجتمع المدني والإعلام، تمكين المنظمات والوسائل الإعلامية من لعب دور رقابي فعَّال لكشف الفساد و إصلاح القضاء وتقوية المؤسسات القضائية لضمان محاسبة المتورطين في الفساد بغض النظر عن نفوذهم.
يمثل الفساد في المؤسسات الحكومية اليمنية تحديًا كبيرًا أمام جهود التنمية وإعادة الإعمار. ومع استمرار الأزمة الإنسانية والاقتصادية، أصبح من الضروري تنفيذ إصلاحات جذرية تضمن إدارة الموارد بشفافية وعدالة، وإعادة الثقة بين المواطن والحكومة لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، حد تعبير خبراء الاقتصاد.