معاناة عزلة مسفر .. تباين بين التضحيات والواقع في مديرية المسراخ
رغم الجهود التي بذلتها دولة الكويت في تنفيذ العديد من المشاريع الإنسانية في جميع مناطق محافظة تعز، والتي تم تنفيذها بشكل متميز ومرغوب، إلا أن الوضع في عزلة مسفر يختلف بشكل كبير. فبينما كان من المفترض أن يعكس المشروع السكني للأيتام في المنطقة نتائج ملموسة تساهم في تحسين الوضع المعيشي، إلا أن ضعف الخطط الاستراتيجية والإدارية جعلها بعيدة عن تحقيق أهدافها الإنسانية.
الإشكاليات المتعلقة بمشروع المدينة السكنية:
1. الاستبعاد والتمييز: عملية توزيع وحدات المدينة السكنية كشفت عن إخفاقات كبيرة، حيث تم استبعاد المستحقين الحقيقيين، وعلى رأسهم أبناء الشهداء، الذين قدموا أعظم التضحيات في الدفاع عن الوطن. في المقابل، تم منح الوحدات السكنية لأطراف محسوبة على جماعات معينة استغلت المشروع لتحقيق مصالحها الخاصة.
2. عدم كفاية عدد الوحدات السكنية: تم تخصيص 40 وحدة سكنية صغيرة لأسر الشهداء والأيتام في عزلة مسفر، وهي وحدات لا تتناسب مع حجم التضحيات التي قدمتها المنطقة. بالمقارنة مع المشاريع الأخرى التي نفذت في مناطق أخرى في المحافظة، فإن عدد الوحدات السكنية المقدمة في عزلة مسفر يعد ضئيلًا للغاية ولا يفي بالاحتياجات الأساسية لهذه الفئة.
3. الموقع غير الملائم: تم تنفيذ المشروع في منطقة شبه مقبرة، مما يثير تساؤلات حول اختيار الموقع المناسب لهذا المشروع الهام. بالإضافة إلى ذلك، تم تفويت الأراضي المملوكة للدولة لمستغلين، ما أدى إلى توجيه المشروع إلى مكان غير مناسب من حيث البنية التحتية.
4. غياب الشفافية والعدالة في التوزيع: كانت هناك آمال كبيرة في أن يتم وضع معايير واضحة وشفافة لتوزيع الوحدات السكنية، بحيث تكون الأولوية للأيتام وأسر الشهداء. إلا أن الواقع كان مختلفًا، حيث تم استغلال المشروع من قبل بعض الجماعات التي استأثرت بالقرار وفرضت سلطتها للاستحواذ على الوحدات السكنية. هذا الاستغلال أفقد المشروع هدفه الإنساني وجعل الفئات المستحقة تواجه صعوبة في الحصول على حقوقها.
5. المشروع لا يلبي احتياجات المنطقة: المدينة السكنية التي تم إنشاؤها لا تكفي لتلبية احتياجات جميع أبناء عزلة مسفر، ولا تعكس بشكل حقيقي حجم التضحيات والنضال الذي بذلته المنطقة في سبيل الدفاع عن الوطن. فقد كانت التوقعات تشير إلى أن هذا المشروع سيكون خطوة نحو تحسين الحياة الإنسانية لأبناء المنطقة، لكنه بدلاً من ذلك أصبح محل استغلال للسلطة والمصالح الشخصية.
من خلال هذه المعاناة، يتضح أن المشروع السكني في عزلة مسفر لم يحقق الأهداف الإنسانية المرجوة. لا بد من إعادة النظر في التوزيع والإدارة، وتشكيل لجنة مستقلة لضمان العدالة في تقديم الخدمات السكنية وتوزيع الوحدات. يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر بتوفير بيئة ملائمة وسكن مناسب يلبي احتياجات أبناء مسفر من الأيتام وأسر الشهداء. إن المشروع لم يكن مجرد بناء وحدات سكنية، بل كان فرصة لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومن الضروري أن تتخذ خطوات فورية لتصحيح مسار المشروع وضمان استفادة المستحقين.