جمعة رجب .. الذكرى المؤلمة لليمنيين
تحل علينا غدًا جمعة رجب حاملة معها لليمنيين تلك الذكرى المؤلمة والحدث الجلل، الذي زلزل قلوبهم، وهدم أركان دولتهم، وكان هو البداية الحقيقية لانهيار الدولة اليمنية على يد جماعات الإسلام السياسي التي اتخذت من الدين جلبابًا لممارسة كل جرائمها بحق الوطن في سبيل الوصول إلى كرسي الحكم.
في أول جمعة من رجب للعام الهجري 1432 الموافق 3 يونيو 2011 كان اليمن على موعد مع حدث مروّع وجريمة مزلزلة كتب أركانها الإخوان المسلمون، الجماعة التي زرعت الإرهاب والشر في جسد الأوطان، وأسست مشروعها السرطاني ناخرة في جسد الأمة، ومتخذة من الدين وسيلة للوصول إلى مآربها. وها هم بكل ما يحملونه من ضغينة وشر مطلق يقترفون في ذلك اليوم أبشع جريمة في تاريخ اليمن المعاصر وهي تفجير جامع دار الرئاسة بصنعاء، مستهدفين بذلك الرئيس الزعيم الخالد علي عبد الله صالح، أثناء تأديته مع كبار قيادات الدولة وحزب المؤتمر الشعبي العام لصلاة أول جمعة من شهر رجب، الجمعة التي احتضن فيها اليمنيون الإسلام الأول، ليأتي الإخوان المسلمون في ذلك اليوم بالتحديد، وفي مسجد من مساجد الله التي لها حرمتها وقدسيتها في قلوب المسلمين، ويرتكبون جريمتهم الأبشع ضمن مخططهم الشيطاني الذي مازالت الأوطان العربية تدفع ثمنه حتى الآن.
الآن، وبعد أربعة عشر عامًا على تلك الجريمة التي استهدفت رموز الدولة اليمنية وراح ضحيتها العشرات بين شهيد ومصاب، ما زالت أبعاد الجريمة تلقي بظلالها على المشهد في اليمن، وما زال مرتكبوها يعيثون فسادًا في الأرض بعد أن دمَّروا الوطن وقضوا على كل حلم جميل في ازدهاره.
لكن إذا كانت جمعة رجب هي العنوان الأبرز في تاريخ اليمنيين قديمًا حين احتضنوا الإسلام، فإنها كذلك العنوان الأبرز لإجرام الإخوان المسلمين وحلفائهم من مليشيا الإرهاب الحوثية في حق أولئك اليمنيين، وبالتالي مثلما ستظل جمعة رجب عنوانًا براقًا في تاريخ اليمنيين، ستظل أيضًا وصمة عار وخزي وهوان في تاريخ جماعات الإسلام السياسي التي استباحت في ذلك اليوم كل المحرمات وسفكت الدم الحرام في الشهر الحرام.
تمثل جريمة استهداف مسجد دار الرئاسة ذروة المشروع التدميري الهمجي، الذي يتبناه قادة الساحات الفوضوية، كما تكشف عن الوحشية التي يمكن أن يصل إليها القتلة والمجرمين في سبيل تحقيق أهدافهم السياسية أو الفكرية.
تلك الجريمة التي أدت لاستشهاد عدد من المسؤولين والجنود والضباط وفي مقدمتهم الشهيد عبدالعزيز عبدالغني- رئيس مجلس الشورى السابق- وأُصيب المئات في مقدمتهم الزعيم علي عبدالله صالح ، ورؤساء مجالس الوزراء والنواب والشورى ونواب رئيس مجلس الوزراء وعدد من الضباط والجنود، وهم يؤدون صلاة الجمعة في 3 يونيو 2011.
منفذو جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة الذين تم الإعلان حينها عن اسمائهم وهم عبدالرقيب مدهش وفضل ذيبان وعبدالرحمن الوشاح ومحمد أحمد علوان ومؤذن مسجد النهدين الغادر، من عناصر حزب الإصلاح المرتبطة بقياداته وبتخادم مع مليشيا الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران".
وفي مساعٍ مشتركة بين عصابة الحوثي وحزب الإصلاح (الاخوان المسلمين) لدفن آثار تلك الجريمة وطمس آثارها، تم إطلاق السجناء المتهمين بارتكاب تلك الجريمة وتهريبهم إلى قطر وتركيا، بتنسيق بين الدوحة وانقرة ومشاركة قيادات بارزة في حزب الإصلاح.
وما يؤكد مدى توط حزب الإصلاح ومليشيا الحوثي في جريمة مسجد دار الرئاسة، هو مدى التناغم اليوم بين الطرفين من الأوضاع في الساحة اليمنية، وكيف تحوّلت بعض الوسائل الإعلامية لحزب الإصلاح إلى لسان حال للمليشيا الحوثية.
تلك الجريمة النكراء لن تنسى، وستبقى محفورة في ذاكرة كل يمني يحلم بوطن آمن ومستقر.
ندعو الله أن يرحم شهداء تلك الجريمة وأن يشفي جرحاها..
ولا نامت أعين الجبناء.