حرقة الروح
يوم واحد كألف عام .. من منا يستطيع أن يتخيل هول اللحظة التي تحولت فيها الحياة إلى رماد والأمل إلى خوف عندما تنهار المباني وتتشابك الأيدي في محاولة يائسة للنجاة؟.
تخيل أن تستيقظ على صوت انهيار منزلك، وأن ترى أحبابك تحت الأنقاض وأن تشعر بالعجز أمام قوة الدمار، أن تحيا كل يوم على أصوات الصورايخ التي تمزق الصمت ، ورائحة التراب والغبار التي تخنق الأنفاس، وبريق النيران الذي يعكس الرعب في عيونك .
تخيل أن تجد في كل زاوية من الزوايا مأساة جديده، وكل زاوية قصة ومأساة مختلفة،وجوه شاحبة تبحث عن النجاة ، وأطفال يبكون بحرقة بحثًا عن أمل.
تخيل أن تجد المدينة التي ولدت وترعرعت فيها كجسد مريض يصرخ من قوة الألم ، والأبنية أجساد هامدة تنتظر الدفن .
تخيل أصوات الصواريخ وهي تعوي في السماء كأنها وحوش مفترسة تسقط على رؤوس الأبرياء، الطائرات تحلق بلا كلل ولا ملل تشن هجماتها بلا رحمة تبحث عن كل فرصة للقضاء على آخر ما تبقى من حياة.
ووسط هذه الهستيريا كم من مبانٍ تنهار كما لو كانت أوراقاً محترقة تتناثر واحدة تلو الأخرى ،صوت الإنهيار مدويا.
أصوات الطائرات والصواريخ تنقض كما تنقض الطيور على فرائسها. تحت الأنقاض تتلاشى الوجوه وتختفي القصص وكأن الزمن توقف عند لحظة الهلاك. كل زاوية تحمل بين جدرانها صرخات مريرة وكل خطوة على الأرض تحفر في الذاكرة صورة مأساة لا تنسى وبينما تتناثر أجزاء الحياة تحت ثقل الموت تظل هناك أسئلة عالقة كيف للإنسان أن يصمد أمام هذا الوحش الذي يدمر كل ما تبقى من إنسانية؟، هل من أمل وسط هذا الظلم؟، هل يتوقف الموت أم أن صواريخ الظلم ستظل تلاحق البشرية؟، وهل يعي الحكام مسؤولياتهم تجاه ما يحدث؟.