Image

حوّلت جامع الشهداء إلى غرفة عمليات .. تقرير يرصد استغلال عصابة الحوثي للمهاجرين الأفارقة

كشف تقرير حديث صادر عن منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسيل الأموال في اليمن P T O C استخدام واستغلال عصابة الحوثي الإيرانية للمهاجرين الأفارقة واستخدامهم وقودا لحربها عبر التجنيد القسري والاستغلال العسكري، فضلًا عن تورطها في تهريب الأسلحة والبشر.

التقرير كشف عن عمليات استغلال تقوم بها عصابة الحوثي، للمهاجرين الأفارقة في اليمن من خلال تجنيدهم القسري، والاستغلال العسكري، وانتهاك حقوقهم الإنسانية بشكل منهجي.
تحدث التقرير عن سعي الحوثيين إلى تعزيز قدراتهم العسكرية واللوجستية من خلال تجنيد المهاجرين، ما يعوّض الخسائر البشرية في معاركهم. كما يعزّزون حضورهم الإقليمي بتهديد الممرات المائية، مثل البحر الأحمر، وتعطيل التجارة الدولية.
ويمثّل اليمن نقطة عبور رئيسية للمهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، لكن الأوضاع الأمنية والإنسانية المتدهورة جعلتهم أهدافاً سهلة للاستغلال الحوثي.

وقود أفريقي لحروبها
واستمراراً لنشاط منصة (P.T.O.C) حول نشاط الحوثيين في القرن الأفريقي ومسار التوسّع، يكشف التقرير الجديد وثائق أمنية واستخباراتية ومعلومات تنشر لأوّل مرّة حول تحويل الميليشيا الحوثية الموالية لإيران عددًا من المواقع الخاصة لمعسكرات.


مساجد أمنية
وخلال سنوات الحرب حوّل الحوثيون الكثير من المساجد إلى مقرّات للدورات الصيفية الطائفية وعقد الاجتماعات السياسية ومعسكرات تدريب ونقاط تمركز أمنية وعسكرية.
‏والتي يعد من أهمها جامع الشهداء (باب اليمن)، والذي يتم من خلاله أدلجة من تم استقطابهم من العناصر الأفريقية عبر إعطاء دورات طائفية يطلق عليها الحوثيون اسم "دورات ثقافية".
وقامت عصابة الحوثي خلال ليالي رمضان من العام 2023 بشكل يومي ببث محاضرات الهالك/ حسين بدر الدين الحوثي وكذا المدعو/ عبد الملك بدر الدين الحوثي عبر شاشات كبيره لحوالي 200 شخص من الجنسية الإثيوبية، والجيبوتية، والصومالية في الجامع.

نشاط مشبوه في جامع 
ويكشف التقرير كيف تستخدم عصابة الحوثي، المهاجرين كوقود لحربها عبر التجنيد القسري والاستغلال العسكري، فضلاً عن تورّطها في تهريب الأسلحة والبشر. كما يسلّط الضوء على جرائم الحوثيين داخل جامع الشهداء، ومراكز الاحتجاز، التي تمثّل انتهاكات جسيمة للقوانين الدولية.
وتسعى عصابة الحوثي  ومن خلفها إيران إلى الهيمنة والسيطرة على منطقة القرن الأفريقي، وذلك من خلال الحصول على موطئ قدم لها في مدخل البحر الأحمر.

استقطاب أفارقة
وعملت العصابة، على تدريب واستقطاب والقيام بنشاط استخباراتي للأفارقة أبرزها جامع الشهداء (باب اليمن) بأمانة العاصمة صنعاء والذي يتم من خلاله استقطاب اللاجئين الأفارقة في اليمن من الجنسيات الصومالية والإثيوبية والإريترية والجيبوتية.
وتقوم بإخضاعهم الأفارقه لدورات طائفية مكثّفة وتدريبات عسكرية ومن ثم إرسالهم إلى جبهات القتال أو منطقة القرن الأفريقي مقابل مرتّبات شهرية، لنشر الفكر الحوثي المذهبي واستغلالهم في عمليات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى اليمن عبر البحر الأحمر. وإقامة قواعد عسكرية لها في المنطقة ونشر الفكر الشيعي الطائفي، إضافة الى ذلك تُعدّ منطقة القرن الافريقي خزّانًا بشريًا تسعى الميليشيا للحصول عليه.
ومن ثم إرسالهم إلى جبهات القتال أو منطقة القرن الأفريقي مقابل مرتّبات شهرية، لنشر الفكر الحوثي المذهبي واستغلالهم في عمليات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى اليمن عبر البحر الأحمر.

مراكز تدريب 
ووفقا للتقرير، أقام الحوثيون أربعة مراكز تدريب عسكرية أخرى للأفارقة في باجل بمحافظة الحديدة والمسؤول عنه يوسف المداني، والجوف (بدر بازرعة)، وصعدة (مطلق المرّاني)، وصعدة (حسن دبيش).
ومنذ بداية 2024، اعتقلت الميليشيا أكثر من 3480 مهاجراً أفريقياً في صعدة، وتم نقلهم إلى صنعاء. هناك، يجبرون على الانضمام إلى معسكرات التدريب العسكري أو يواجهون الترحيل القسري.

واستغل الحوثيون ما يعانيه المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن.
ويضطّر الكثيرون منهم إلى العيش في مآوي مؤقّتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسوّل من أجل البقاء على قيد الحياة.
هذا الضعف الشديد يجعل أكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء معظمهم من الصومال وإثيوبيا عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

رحلة المخاطر
إن الرحلة إلى اليمن تشكّل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهرّبين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرّضونهم لمخاطر جسيمة.
ويشير التقرير الى ان هذه المخاطر  تستمر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن. ففي أكتوبر الماضي فقط، قام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريق، أو مرحّلين على متن القوارب. وبحسب مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، فقد تم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء على الأقل بين المهاجرين أثناء عبورهم للبحر بين جيبوتي واليمن حتى الآن هذا العام. كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في عام 2024، ومن المرجّح أن عدد المفقودين وغير الموثّقين أكثر من ذلك بكثير.

النقل القسري للمهاجرين
وبسبب الوباء وتصنيف المهاجرين كحاملين لفيروس "كورونا"، قام الحوثيون بزيادة "النقل القسري" للمهاجرين من محافظات اليمن التي يسيطرون عليها إلى الجنوب الخاضع إسمياً لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وفي 2020، نقل أكثر من 15 ألف مهاجر قسراً من المحافظات الشمالية إلى الجنوب. وفي أبريل 2020 طردت قوات الحوثيين قسراً آلاف المهاجرين الإثيوبيين من شمال اليمن، تحت ذريعة فيروس كورونا، ما أسفر عن مقتل العشرات وإجبار آخرين على عبور الحدود مع السعودية.
كما تم توثيق وجود شبكة من المهرّبين، والمتجرين، والسلطات التي تختطف، وتحتجز، وتضرب المهاجرين الإثيوبيين، وتبتزهم أو تبتز عائلاتهم مقابل المال.

الأبعاد العسكرية
يسعى الحوثيون إلى تعزيز قدراتهم العسكرية واللوجستية من خلال تجنيد المهاجرين، ما يعوّض الخسائر البشرية في معاركهم. والاعتماد عليه لتغطية العجز في الجبهات، حيث يعتبر ذلك هدفاً رئيساً للميليشيا في منطقة القرن الأفريقي، وفي سبيل ذلك قامت الميليشيا بإنشاء المعسكرات والمراكز.
كما يعزّزون حضورهم الإقليمي بتهديد الممرات المائية، مثل البحر الأحمر، وتعطيل التجارة الدولية.

الأهداف العسكرية
تظهر تقارير الأمم المتحدة ارتفاعاً في أعداد مقاتلي الحوثيين، من 30 ألف في 2015 إلى 220 ألف في 2022، وصولاً إلى 350 ألف بحلول منتصف 2024.
كما يتم استغلال المهاجرين لوجستيًا ودعائيًا وفي المهام القتالية واللوجستية، حيث يجبر المهاجرون على نقل الأسلحة، حفر الخنادق، وبناء التحصينات، إلى جانب القيام بأعمال خطيرة على الخطوط الأمامية.
وتستخدم قنوات الإعلام الحوثية، مثل قناة "المسيرة"، جنازات المقاتلين الأفارقة في حملات تجنيد واسعة. على سبيل المثال، بثّت القناة جنازة المقاتل الإثيوبي قاسم يوسف، الذي وصفته بأنه "بطل ضحى في سبيل الله"، وكذلك الصومالي  شيخ طاهر، الذي قتل في معارك 2020.

الأبعاد الإنسانية
وتحدث التقرير عن الابعاد الانسانية، بالاشارة الى ان ممارسات الحوثيين ضد المهاجرين تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ما يؤدّي إلى استغلالهم بشكل مباشر وغير قانوني لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.
الانتهاكات الحقوقية والعنف الجنسي والجسدي: وتشمل الانتهاكات: التشويه، الإخفاء القسري، التعذيب، والاغتصاب.
وفي حادثة مروّعة عام 2021، قتلت قوات الحوثي أكثر من 60 مهاجراً إثيوبياً داخل مركز احتجاز في صنعاء، عبر إطلاق صواريخ على المبنى.
وفي أبريل 2020، طرد آلاف المهاجرين الإثيوبيين قسراً من شمال اليمن، باستخدام الهاون والصواريخ، ما أسفر عن مقتل العشرات.

الأبعاد الإقليمية
تشكّل هذه الممارسات تهديداً مباشراً لدول الخليج، حيث يستغل الحوثيون المهاجرين للضغط السياسي واللوجستي على الدول المجاورة.