زيارة السفير تجسيد لقيم المحبة والوفاء
لم أكن أرغب في الكتابة عن زيارة الأخ أحمد علي عبدالله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي للعاصمة المصرية القاهرة، ولم أود الانغماس في ردود افعال وتعليقات سلبية، حاول إثارتها البعض لدوافع شتى، وذلك لاعتبارات عديدة أهمها أن الزيارة تحمل دلالات إنسانية تجسّد قيم المحبة والتواصل بين ابناء الشعب الواحد، ولا سيما في ظروف صعبة مثل التي يمر بها اليمن.
زيارة من شخصية يمنية قيادية ينظر إليها جل اليمنيين بعين الاحترام والتقدير، أراد فيها المواطن والسفير أحمد علي عبدالله صالح، وبعد أن رُفعت عنه قيود منع السفر وعقوبات ظالمة، زيارة القاهرة التي تضم أكبر جالية يمنية وفيها الكثير من المحبين والأصدقاء للأخ السفير، وحشد كبير من السياسيين والشخصيات الاجتماعية، فقد سعى هؤلاء وحرصوا على اللقاء به، منهم آباء، وأبناء، وأخوة، وأصدقاء، وزملاء، ورفاق درب تجمعهم هوية واحدة وحلم واحد ونسيج اجتماعي متين لن تنفصم عراه، إضافة إلى أن عددًا واسعًا ومن مختلف شرائح المجتمع من المقيمين بالقاهرة والزوار قد سجلوا انطباعهم بكل إيجابية وبأكثر من صورة عن هذا اللقاء.
إلا أنه وكما هو متوقع هناك نفر يريد أن يخلط أوراق السياسة بتقاليد التواصل الاجتماعي، والتزاور، والتحاور، تلك القيم الراسخة بين اليمنيين عبر التاريخ مهما تقاذفتهم دروب الحياة.
يتساءل البعض ما هو الرابط بين زيارة سلام وتحية ومحبة من أحمد علي عبدالله صالح لأهله واخوته في ديار الاغتراب عن الوطن، بموضوع بشار الأسد والتوريث وغير ذلك من الخزعبلات والافتراءات التي يروجها هذا البعض المشحون بالكراهية لكل ما هو إيجابي؟.
لو افترضنا جدلًا أن السفير أحمد أراد أن ينهض أو يفكر مثلًا في النهوض بمسؤولياته الوطنية وسط هذه المحنة، من خلال موقعه في المؤتمر، أو من خلال رصيده الوطني، أو من خلال الرصيد الوطني للزعيم علي عبد الله صالح، فما الذي يضير هؤلاء البعض؟.
كان سعادة السفير أحمد علي عبد الله صالح، أول من امتثل لنقل السلطة بسلاسة وبانتخابات انتقالية توافقية، كما التزم للرئاسة الانتقالية بتسليم قيادة الحرس الجمهوري، والقبول بتعيينه سفيرًا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وإذا كان قد حرص على سلامة الوطن وحافظ على عدم انجرار البلاد إلى حرب أهلية وهو يمتلك القوة، فما الذي سيغريه اليوم بعد كل الخراب الذي تعرض له الوطن؟، ثم أين هو صولجان الحكم وماكنة السلطة التي تغري الآن لكي يقاتل لأجل توارثها؟.
عموماً، كانت روح الوطن حاضرة في أدق تفاصيل وتجليات المؤتمر الشعبي العام وشخص الزعيم الراحل من خلال البساطة والعفوية التي يتحلى بها اليمنيون من دون رسميات أو حواجز وكان السفير ضيفًا خفيف الظل غير متكلف وكذلك زواره.
كان لقاء محبة واستذكار ووفاء جسَّد كثيرًا من الود والعرفان والطيبة الممهورة بلغة السلام، وإن جاء على عجالة لكنه في نهاية الأمر بلغ هدفه الأول، برؤية أبناء الوطن عن قرب بعد انقطاع قسري فرضته أعوام من البؤس والحرمان والعقوبات والأحداث الأليمة التي عصفت بالوطن والإنسان اليمني.
كل من قدموا للسلام واللقاء مع الأخ أحمد علي عبدالله صالح وتهنئته برفع العقوبات الظالمة والكيدية، التي منعته من الزيارة والحركة، وتفقد ابناء وطنه مستبشرين بمرحلة جديدة لليمن على ضوء التطورات الجارية وعلى كافة الصعد الداخلية والخارجية، وليس كما صوره بعض الموتورين في أحاديثهم المأزومة ومحاولتهم الاصطياد في المياه العكرة، لإفساد أجواء هذه اللقاءات الحميمية بين شخصية سياسية وقيادية يمنية لها كم كبير من رصيد الحب والاحترام في عقول وقلوب أبناء الوطن.
ثم أن الأخ احمد علي عبدالله صالح لم يكن مجرد عابر سبيل في تضاريس البلاد، فهو الآن يتبوأ موقع نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي، وهذه مسؤولية وطنية تفرض عليه النشاط والتواصل واللقاء والحوار أضف إلى ذلك أنه قائد عسكري تولى مناصب قيادية في القوات المسلحة والحرس الجمهوري والقوات الخاصة باقتدار، وله باع طويل في معالجة ملفات وطنية عديدة غير أنه أيضًا شغل منصب سفير لليمن لدى بلد عربي شقيق له أهميته.
أقول لأصحاب الغرض بأنه إذا كان هناك ما يختلف عليه، فإن هناك من يجمع على (أحمد علي عبد الله صالح)، فالرجل لم تتلطخ يديه بدماء اليمنيين ولا كان يومًا خصمًا لأحد ولم يشتم أو يؤذي أحدا، وهو في سدة الحكم والاقرب إلى مركز القرار.
كان دوما هو الإنسان الذي تجسدت فيه خصال حميدة من الأدب والتواضع والرأفة والبعد عن كل ما يشين المسؤول ولم يكن أبناء الوطن ينظرون إليه إلا بصورة الابن والأخ الطيب والمخلص في صداقته والوفي لارتباطاته مع أهله ومحبيه من أبناء اليمن.
استغرب من بعض المحسوبين على المجال الصحفي أو المشهد السياسي من طرحهم الذي يحمل تلوث بصري لأي قارئ يتابع المجريات عن كثب وكيف ينفثون في اسقاط رغباتهم وحقدهم الدفين لمحاولة التشهير وتأجيج الفتنة والنيل من رموز ومواطنين يمنيين، غير أبهين بالظروف والمصاعب التي تطوقنا جميعا وما هي تعقيدات المرحلة وكيف أن شخص السفير تعرض للكثير من الأذى والابتزاز والضغوط التي لا يدرك منها الآخرين سوى اليسير.
كانت الزيارة بمثابة امتنان ووفاء لجموع الناس الذين صمدوا رغم المثبطات وكان الزوار محل تقدير فقد رفعوا المعنويات وشدوا ازر الوطن بحضورهم وما جسدته تقاسيم وجوههم وتعابيرهم فهي انعكاس لتطلعاتهم لعملية سلام متكاملة وعودة الأمن والاستقرار والنهوض بالبلد من جديد بعد أن فقدت بريقها وجوهر الحياة فيها ولن يتم ذلك إلا من خلال توحيد الصفوف وتصويب الجهود والإمكانات نحو مشروع شامل لكافة اليمنيين والقوى السياسية.
رغم الظروف وضيق الوقت إلا أن العميد حرص منذ البداية أن تكون القاهرة وجهته الأولى بعد التحرر من العقوبات وقد تحقق ذلك من خلال الالتحام مع الجموع من أبناء الجالية اليمنية المقيمة على أرض مصر الكنانة، فعلى مدار خمسة أيام حافلة بالفرح والسرور تمكن من الالتقاء بالكثير منهم وقد تركت الزيارة انطباعات وصور تلقائية كانت كفيلة بأن تهزم اليأس في النفوس وأن تبقي على بصيص الأمل لدى الجميع.
وكان اختيار مصر كأول محطة لزياراته الخارجية تجسيد عميق للروابط التاريخية والعلاقات الاخوية ووحدة المصير بين الشعبين الشقيقين في كل المراحل، وما يكنه السفير من اجلال وتقدير لقيادتها ومواقفها العظيمة نحو قضايا اليمن بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى والذي حرص ويحرص على الوقوف إلى جانب الشعب اليمني ودعم اختياراته السياسية والوطنية من أجل استعادة دوره الفاعل في المحيط العربي والاقليمي، فيا مصر الكرامة والشهامة اجزم بأن حب مصر يولد في جينات المواطن اليمني ويرضعه اجلالا وتقديرا ووفاءً.
لقد نجحت الزيارة من وجهة نظري وبحكم قربي من الحدث، وإذا ما قيست بمقياس الناس البسطاء والعامة وأصحاب الرأي والمشورة ومن لديهم باع في السياسة والمسؤولية بعيدًا عن أي تأويلات غير منطقية فإن ما ردده البعض من ترهات لا ترقى لأن تكون رأي أو حتى انطباع ووجهة نظر بقدر ما هي لغة مازومة تعبر عن قصر نظر ما كان له أن يكون لو أن أصحابه قرأوا الزيارة من زاوية أوسع بعيدًا عن الإساءة المتعمدة التي لم تكن منصفة على الاطلاق.
كانت المعنويات عالية، وقد لفت استقبال الناس وبكل تواضع الكثير، شاكرا لهم مشاعرهم الفياضة، كانت احاديثه مقتضبة لكنها دلت على حسن خلقه وتربيته، وهو دوما وكما عرف الشخص الرصين الهادئ، الذي يفهم الناس من نظرتهم وتحيتهم.
عبَّر تدفق الناس بهذا العدد الكبير من مصر وخارجها عن خالص محبتهم له، وتعاطفهم معه ومع ما خاضه من معترك خلال السنوات الماضية بكل صبر، وعبَّروا عن أملهم الكبير بأن يكون له دورًا في مستقبل اليمن ضمن خارطة سياسية واسعة، كما أن وقع الزيارة أكد على ما يتمتع به من قبول وشعبية كبيرة يحظى بها، وحب من الله، وارث الزعيم الخالد.
وختامًا.. فإن كان السفير أحمد ينتمي إلى ارث الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح فهو مبعث فخر له ولشعبه الذي يتذكر هذا العهد بكل اعتزاز ومحبة لأنه كان عهد الاستقرار والامن والتنمية والكرامة والوحدة والنماء.