Image

كسرت حاجز الخوف وخلقت حالات رفض متعددة .. انتفاضة ديسمبر .. الطريق المستقيم الذي رسمه الزعيم لاستعادة اليمن

ونحن نحتفل بذكرى انتفاضة ( ثورة) 2 ديسمبر المجيدة 2017، السابعة، كان لا بد من التوقف مليًا، أمام الرؤية والمواقف التي اختطها الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح لليمنيين لاستعادة اليمن من أدوات الفوضى، وعلى رأسهم الائمة الجدد، عصابة الحوثي الايرانية. لقد أدخلت عصابة ايران وقوى الفوضى، اليمن في فوضى وحروب وعبث ونفقاً مظلمًا لا تعرف نهايته ولا تحمد عقباه، وأوصلت الشعب إلى مراحل متقدمة من ضنك العيش، وأغرقته في ظلمات على مدى عقد من الزمن، تم خلاله سفك الدماء الزكية والطاهرة لأبناء اليمن، وتدمير منجزاتهم الوطنية، ونهب ثرواتهم ومقدراتهم، ووصلت بها الأمور الى محاولة تغيير عقيدتهم وفكرهم النقي المستنير بالعلوم الحديثة، وتعليم الدين الاسلامي الحنيف المعتدل.

وبعد عقد من الزمن تم فيه إغراق البلاد بكل المآسي، والأوجاع والمعاناة والنكبات إلى أن نفذ صبر الشعب ويأس من اعتدال تلك الجماعة والرجوع عن غيها، لأنها لا تملك قرارها ومصيرها بل مرتهنة بالكامل للنظام الايراني وفكره الارهابي الدموي الطائفي التدميري، ووصلت بها الأمور إلى محاولة طمس معالم الجمهورية والثورة والحرية والديمقراطية، الى جانب الهوية اليمنية، واستبدالها بهوية الخارجين عن الملة والدين بقايا الفرس في طهران.

انتفاضة الضرورة للحفاظ عن الهوية

لقد استبق الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح التاريخ والزمن، بإعلانه الانتفاضة المسلحة في وجه عصابة ايران لانقاذ الهوية والسيادة والأمة، ووقف تمدد مشاريع ايران الفارسية الطائفية والعنصرية والسلالية وثقافتها المصبوغة بالعنف والموت والعداء والكراهية، وذلك في يوم الثاني من ديسمبر 2017، ملبيًا نداء الواجب الوطني المستمد من مبادئ الثورة اليمنية المباركة، متطلعًا لتحقيق أهدافها وحفاظًا على الجمهورية وخدمة لطموحات وتطلعات اليمنيين.
لقد اشعل الرئيس الشهيد الصالح ورفاقه في ذلك اليوم المجيد فتيل الثورة وتدشين مشوارها النضالي الجديد، من قبل العاصمة صنعاء المختطفة، وخاض مع رفاقه الأوفياء المعركة الافتتاحية لهذه الثورة المباركة التي واجه فيها بكل شجاعة وبسالة عصابات الموت الحوثية، ومن خلفها قوى التآمر والخيانة من جحافل المخابرات متعددة  الجنسيات.
ومن خلال تلك الانتفاضة المباركة، أشعل الزعيم ورفاقه "الثورة المستمرة حتى اليوم" في وجه اذناب فارس وعملاء ايران وحملة الفكر الدخيل البعيد كل البعد عن فكر ديننا الاسلامي الحنيف، رغم ادعائهم الكاذب والزائف انهم حملة للقرآن الكريم الذي هو براء منهم.

محطات متفجرة

لقد شهدت الفترة التي سبقت إعلان الانتفاضة "الثورة"، العديد من الاحداث المتفجرة التي افتعلت عصابة الحوثي في سبيل تفجير الأوضاع وقيادة البلاد نحو صراع دامٍ لاستكمال المؤامرة ورسم المخطط المقدم لهم من الخارج.
ففي 24 أغسطس 2017، بدأت عصابة الحوثي تنفيذ المخطط من خلال محاولة إفشال مهرجان حزب المؤتمر في صنعاء بذكرى تأسيسه.
وفي 26 أغسطس، تمادت عصابة الحوثي كثيرًا باعتراض مسلحيها الارهابيين طريق سير نجل صالح، وقتل نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر.
وفي 29 اغسطس، تمادت العصابة الإيرانية من خلال اقتحامها لمسجد الصالح بالعاصمة صنعاء، وقامت بالاعتداء على حراسة الجامع ، واشتبكت مع انصار المؤتمر في مناطق عدة جنوب العاصمة ادت لاستشهاد 13 شخصًا.
وفي 2 ديسمبر تفجَّرت ثورة 2 ديسمبر بانتفاضة مسلحة عارمة في وجه الحوثيين من قبل الأحرار اليمنيين والقوات الرافضة لمشروعها الارهابي، وشهدت العاصمة صنعاء اشتباكات في مناطق عدة.

خذلان يكشف الحقيقة

ومع استمرار الاشتباكات بين أحرار اليمن، مع عصابة ايران الارهابية، وجَّه الزعيم الصالح حينها دعوة إلى جيران اليمن باعتبارهم الأكثر تضررًا في حال احتلت ايران اليمن، لوقف الهجمات على البلاد ورفع الحصار، والتعامل مع الموقف في اليمن باعتباره امن قومي عربي خالص.

وكشفت مواقف الجيران حينها وتنصلت عن الاطلاع بمسؤولياتها القومية والعربية والدينية، حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم من خضوع واستسلام وحصار لأذرع ايران في اليمن والعراق.
وفي الرابع من ديسمبر، نزل خبر استشهاد الزعيم ورفيقه الأمين عارف الزوكا وعدد من الشرفاء، موقع الصاعقة على أسماع اليمنيين، ومحبي الزعيم واليمن والرافضين للارهاب الايراني في جميع بقاع العالم، ليكون يومًا حزينًا، وجمت فيها الوجوه، واصفرت الجباه وارتعشت الايادي، لتبدأ ايران واذرعها ومناصريهم استفزاز اليمنيين بالتغني بما حدث في صنعاء من كارثة لا يمكن تصديقها.

استباحة ما تبقى من هوية اليمن

وعقب استشهاد الرئيس  الزعيم علي عبدالله صالح، بدأت ايران عبر ذراعها الحوثية، في استباحة ما تبقى من مؤسسات الدولة التي كانت محمية بالصالح ورجاله، وتعمدت بشكل كبير، العبث بهوية المجتمع اليمني، وبدأت محاولاتها الفاشلة في صبغها بقالب طائفي " بفكر ايران". وإنتاج مجتمع عُبُودِي يقدس السلالة الحوثية ويؤمن بخرافة الولاية ومزاعم الحق الإلهي في الحكم.
وركزت تلك العصابة الخبيثة بشكل مباشر على الشباب والاطفال، لمعرفتها بأن فكرها لن ينال قبولًا لدى الكبار في المجتمع اليمني، الذي تلقى لتوه جرعة وطنية بإعلان الزعيم ورفاقه الانتفاضة جددت فيهم حماس الثورة والنزعة نحو الخلاص من الامامة الجديدة.
ومنذ تلك الفترة وعصابة الحوثي تركز بشكل مباشر على تغيير الهوية اليمنية، التي عمدت انتفاضة ديسمبر المباركة بقيادة الزعيم الصالح على حمايتها ووفرت لها مناخ ومنهج ودرب وسراط مستقيم لتخليص البلاد والهوية ممن يهددها، ما يجري في تجريف وتغيير للمناهج الدراسية من قبل عصابة ايران.
ومما لا شك فيه، أن ملف تغيير المنهج كان من أهم الملفات التي تصدى لها المؤتمر الشعبي العام بقيادة الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، والتي قادته في الأخير إلى انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017؛ إدراكًا منه لخطورة المخطط والأجندة على النسيج الاجتماعي ومستقبل اليمن.
وعقب استشهاد الزعيم، خرجت أجندة عصابة ايران إلى العلن وشرعت في التغيير ورسمت، وبتوجيهات إيرانية، مخططًا واسعًا يمتد لسنين قادمة يستهدف جيل الأطفال ويحمل مشروعها عبر المناهج الدراسية، لتكريس العبودية وفرض فكرها وأيديولوجيتها على مختلف فئات المجتمع اليمني.
كما زادت عصابة الحوثي من عمليات القمع والانتهاكات خاصة فيما يخص النساء والناشطين والمعلمين وصولًا الى الموظفين العاملين في المؤسسات والمنظمات الدولية من اليمنيين. واتبعت في هذا الاطار منهج القمع المفرط والإرهاب المنظم وتقييد الحريات العامة، في مسعى لإنتاج مجتمع عُبُودي راضخ عاجز عن القيام بأي حراك ثوري للخلاص من السلالة الطائفية.

رسوخ رؤية وفكر الزعيم

شكَّل فكر ومنهج الزعيم في حكمه للبلاد خلال العقود الثلاثة الماضية، حماية ومناعة لدى اليمنيين في التصدي لأي محاولات تمس عقيدتهم وفكرهم، ووطنهم وثورتهم وجمهوريتهم، وسيادة بلادهم ووحدة أراضيه.
وبات كل ما تسعى إليه العصابة الايرانية وتتمناه في مهب الريح حتى اليوم، نتيجة ما رسمه الصالح وغرسه في نفوس وعقول ووجدان اليمنيين المبني على الحوار في حل القضايا، واستخدام القوة والشدة في وجه كل من يهدد سيادة البلاد وامنه واستقراره ووحدته وعقيدته وفكره ويسفك دماء ابنائه.
فالشعب اليمني بعقيدته المبنية على قواعد ثابته اسسها الرئيس الشهيد الصالح، في غالبيته لا يشكل بيئة لنجاح أفكار الضلال الحوثية، ولا يمكن أن يرتد إلى عهد أئمة الظلم والظلام تاركًا فلذات أكباده في هذا الواقع التعيس، وما فشل تغلغلها في المجتمع إلا مقدمة وعنوان الفشل الأكبر والسقوط الذي لا بد منه.
ففي مثل هذا اليوم قبل سبعة أعوام، تفجَّرت ثورة ديسمبر المباركة "الانتفاضة" التي قادها الزعيم من أجل الوطن والشعب، ورسم لهم خارطة الطريق بعشر وصايا أو أهداف، وكلها من أجل الوطن والشعب.

الوصايا العشر .. رؤية للمستقبل

لقد أطلق الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح خلال انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017، عشر وصايا لليمنيين عزاها البعض الى معرفة الرئيس المحنك والداهية العربي، ببواطن الأمور.. تلك الوصايا يعدها اليمنيون حاليًا قاعدة وسراط مستقيم يسيرون عليه نحو صون اليمن ودماء شعبه، والتي جاءت على النحو المختصر التالي:
1 ـ دافعوا عن الحرية والجمهورية
2 ـ لا تقبلوا الأوامر الحوثية
3 ـ تمسكوا بالمؤسسة العسكرية 
4 ـ انتفضوا للثورة والوحدة
5 ـ حافظوا على الأمن والاستقرار 
6 ـ اختاروا قيادة جديدة
7 ـ استمروا في الصمود 
8 ـ التصافح والتسامح
9 ـ السلطة ملك الشعب 
10 ـ لا ترضخوا للتعسف الحوثي

شكَّلت تلك الوصايا، رؤية واضحة للأجيال اليمنية المتعاقبة للحفاظ على مكتسباتهم الوطنية المتمثلة "بالثورة والجمهورية والحرية والوحدة"، فهي الاساس لأي مجتمع وبلد من أجل الحفاظ على السيادة والارض والانسان.
كما شكَّلت نقطة تحوّل في حياة اليمنيين الواقعين تحت سيطرة عصابة الحوثي، حيث شهدت تلك المناطق على ضوء تلك الوصايا وحدث الانتفاضة نفسه، العديد من الانتفاضات القبلية في وجه الحوثيين أبرزها انتفاضة "حجور في حجة، وانتفاضة قبائل البيضاء في مناطق عدة آخرها في قيفة رداع، وبني نوف في الجوف، وقبائل عدة في طوق صنعاء في همدان وارحب وبني الحارث وبني مطر".
كما شهدت البلاد حالة تنامٍ واسعة رفضًا للحوثيين امتزجت بالسخط الشعبي الذي وصلت إليه الأمور الى كسر حاجز الخوف من بطش العصابة الايرانية، تم التعبير عن ذلك بشكل جلي في خروج الشعب للاحتفال بالمناسبات الوطنية رغم تحذيرات ومنع عصابة ايران لذلك وممارستها اعتقالات واسعة بحق البعض.
ومن تلك الانعكاسات الثورية لانتفاضة ديسمبر، إعلان بعض القطاعات كالمعلمين الإضراب الشامل للمطالبة بصرف المرتبات التي تنهبها عصابة الحوثي منذ العام 2016، إلى جانب إعلان العديد من المرافق الحكومية في صنعاء ومحافظات اخرى في نطاق سيطرة الحوثيين للإضراب وتنفيذ وقفات احتجاجية.

دعوات الوصية الخالدة

شكَّلت دعوة الزعيم بصوته الجهور الثابت على مبدأ الثورة والجمهورية والنضال من اجل اليمن واليمنيين، حينها وهو يتلو الوصايا، نوعًا من الطوق الآمن لكل ما هو يمني، فقال " دافعوا عن الحرية والجمهورية، وهي الوصية الأولى التي أطلقتها الصالح، واتبعها بالثانية " لا تقبلوا الأوامر الحوثية"، والثالثة تمسكوا "بالمؤسسة العسكرية"، هي رؤية ثاقبة لخطوات الثورة نحو الخلاص من تلك العصابة الايرانية، المرتكزة على الدفاع ورفض الحوثية والتمسك بالقوة العسكرية.
اما وصيته الرابعة كانت الدعوة صريحة لليمنيين لانتفاضة لكسر الخوث قائلًا: " انتفضوا للثورة والوحدة"، والخامسة " حافظوا على الأمن والاستقرار"، حتى وهو يقاتل وعلى مشارف نيل الشهادة كان يفكر بالوطن والمواطن من خلال دعوة بالحفاظ على الامن والاستقرار، وحرصه على تمسك اليمنيين بمبدأ التداول السلمي للسلطة الذي رفضته قوى الفوضى والانقلاب منذ بداية الأزمة، والتي تجسدت في وصيته السادسة "اختاروا قيادة جديدة".. أما وصيته السابعة فحرص الزعيم الصالح على الدعوة للاستمرار في الصمود بوجه الطغيان والظلم والتخلف قائلًا: " استمروا في الصمود"، داعيًا في وصيته الثامنة إلى "التصافح والتسامح"، كما أكد في وصيته التاسعة بان "السلطة ملك للشعب"، وختم وصاياه العشر بالدعوة إلى "عدم الرضوخ للتعسف الحوثي".
ذلك هو الزعيم الحقيقي الذي يظل متمسكًا بمبادئه القائمة على حرصه على وطنه وشعبه، ولا يفرط في سيادته تحت أي اغراءات، ليسجل مواقفًا على مدى حياته السياسية والعسكرية يشهد التاريخ له بها أنها وطنية خالصة حمل الكثير من الحرص على تراب اليمن ودماء اليمنيين، وتكريس كل جهوده لتوفير حياة كريمة، تجعل اليمني يرفع راسه عاليًا بها بين شعوب المعمورة.
كما حرص كثيرًا على حل قضايا الامة العربية والاسلامية في إطلاق العالمين الاسلامي والعربي، بعيدًا عن تدخل الغرب فيها ، والتي كانت رؤية ثاقبة وذات اهمية كبرى خاصة فيما يتعلق بمنع انهيار الحاجز المنيع بين المد الخميني الفارسي والعالم العربي والاسلامي، والذي كسر برفض موقف اليمن الواضح في رفض التدخل في العراق خلال الازمة الخليجية عقب اجتياح الكويت في عام 90، فمنذ ذلك الحين والعالم العربي يدفع الثمن.

مآلات انتفاضة ووصايا الصالح

يرى العديد من المراقبين للشأن اليمني، ان اليمن تحتاج حاليا من ينفذ تلك الوصايا ويقود الشعب الثائر نحو استكمال انتفاضته وثورته المباركة نحو الانجاز لتأمين وحماية سيادة البلاد وثرواته ودماء ابنائه الزكية.
ويعتبرون انتفاضة ديسمبر 2017، بالحدث الذي اعاد تقويم المسار، وغيرت مجريات الأحداث الدائرة في البلد، كما ساهمت في كشف مشروع الحوثيين لجمهور عريض من اليمنيين، ووضحت العديد من الامور خاصة فيما يتعلق بالسعي نحو إعادة المشروع الإمامي، وتهديد الجمهورية والوحدة، والتفريض بالمكاسب والمكتسبات الوطنية.
ويرى مراقبون أيضًا أن مآلات الانتفاضة وضعت عصابة الحوثي أمام مخاطر لا يمكن تجاوزها مستقبلًا، حيث فضحت مشروعهم الإمامي، ونواياهم المخفية، التي جعلتهم يفصحون عنها ويقاتلون في سبيلها؛ وعلاوة على ذلك، أصبح الحوثي وحيدًا، يرافقه الفشل الذي بات يتراكم يومًا بعد يوم، خاصة مع انتقاله الى تهديد الملاحة الدولية في البحر الاحمر وخليج عدن والمنطقة.

وأخيرًا .. فإن الزمن والمكان محتاجان لقيادة وطنية لتولي دفة سفينة الوطن نحو بر الآمن، وبعيدًا عن المد الفارسي، تحمي الأرض والإنسان وتصون سيادة الوطن وكرامة المواطن.. في انتظار تحقيق ذلك.