30 نوفمبر المجيد .. يوم انتزاع الحرية من المستعمر
30 نوفمبر المجيد .. يوم انتزاع الحرية من المستعمر
ـ لمحة تاريخية تؤكد أهمية عدن واليمن الاستراتيجي
ـ دعوة من الرئيس الشهيد لمواصلة النضال.. فلن ترَ الدنيا على أرضي وصيا
"عيد الاستقلال" تحتفي به الأمم بعد تحقيق أهداف نضالها وثورتها التي تتكلل بالانتصار وخروج الاستعمار من أراضيها، وهذا ما عاشته اليمن يوم الـ30 من نوفمبر عام 1967م، يوم خروج وجلاء آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن.
"فالحرية لا توهب بل تنتزع" بفضل التضحيات التي يقدمها المناضلون من أجل تطوير وبناء أوطانهم، ويقدمون ارواحهم رخيصة في سبيل مبادئ وأهداف رسموها وسعوا لتحقيقها، لتظل تلك المبادئ والأهداف التي رسموها سياجًا يحمي الوطن وثورته من أي أخطار استعمارية جديدة تهدده مستقبلًا.
واليوم في اليمن تشهد الأحداث على ذلك، حيث يجري الدفاع عنها من قبل الأبطال الذين يعدون امتدادًا لأولئك الذين ضحوا من أجل الثورة اليمنية في جميع مراحلها الممتدة من "سبتمبر إلى أكتوبر ونوفمبر ، وصولًا إلى الوحدة اليمنية المباركة"، حيث يجري اليوم الدفاع عن تلك الثورة ومبادئها وأهدافها من المستعمر الجديد المتمثل بذراع ايران مليشيات الحوثي الارهابية.
لمحة تاريخية
وبالعودة إلى تأريخ الاستعمار البغيض لجنوب الوطن الحبيب، سنجد أنه منذ العام 1839م الذي سيطر البريطانيين فيه على عدن، عندما قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة، بدأ النضال اليمني ضد المستعمر الاجنبي.
ومن احتلالها بدأ المستعمر في عقد معاهدات صداقة مع سلاطين القبائل المحيطة بعدن وكعادتهم كانوا يدعمون من تبدو فيه بوادر التعاون معهم ضد الآخرين وكانوا يرصدون النزاعات بين السلاطين دون تدخل مباشر، في سياسة عرفت حينها بسياسة "فرِّق تسد".
وبعد مرور 129 عاما من الاحتلال، انطلاقة شرارة الثورة اليمنية ضدّ ممارسات الاحتلال البريطاني، من جبال ردفان، بزعامة راجح بن غالب لبوزة، حيث لجأت القوّات الاستعماريّة إلى قمعها بالقوّة، فقصفت ردفان والقُرى المُحيطة بها، وطبّقت عليها سياسة الأرض المحروقة في محاولةٍ لإبادتها بمن فيها من المدنيّين، واستشهد فيها البطل ومفجر ثورة 14 اكتوبر 1963م الشهيد راجح لبوزة.
وبعد ذلك التاريخ بدأت المقاومة المسلحة التي عمت جميع أرجاء اليمن ضد المستعمر وتعددت صورها وطرقها وأهدافها، وحققت كل ما سعت اليه من خلال اعلان بريطانيا الرحيل عن جنوب الوطن في 30 نوفمبر من العام 1967م.
وقد مثَّل الاستقلال الوطني منعطفاً هاماً في مسار الحركة الوطنية اليمنية وانتصار الثورة المباركة 26 سبتمبر و14 أكتوبر، متوجًا وحدة نضال وكفاح أبناء الوطن الواحد رغم التشطير حينها، برحيل اخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، ويعتبر ذلك اليوم المجيد المحطة الأبرز تاريخياً ووطنياً للعبور إلى مرحلة التحرر والاستقلال والوحدة.
لماذا عدن؟
ويعود إهتمام بريطانيا بالمنطقة اليمنية الي بداية القرن السابع عشر عندما بدلت أهتمامها كجزء من المنافسة التجارية الاوروبية ومزاحمتها للبرتغاليين والهولنديين في المنطقة العربية والبحر الاحمر الي المنافسة السياسية ,ومنذ العام 1609م أرسلت أولى رحلاتها الي عدن والبحر الاحمر عبر شركة الهند الشرقية , لتآسيس الوكالة البريطانية في المخاء, الي ان تم إحتلال عدن من قبل المحتل البريطاني بعد ان أحتكرو الشطر الاكبر من تجارة اليمن الخارجية وبالذات تجارة البن وتسويقه إلي أجزاء كثيرة من العالم, وأصبحوا يمارسون النفوذ الأدبي على أئمة صنعاء حينها , ومع مرور الوقت خصوصًا مع مجئ الغزو الفرنسي إلي مصر 1798م تحوّلت المنافسة بين الانجليز والفرنسيين من منافسة تجارية إلي سياسية .
وفي عام 1802م عقدت بريطانيا أول معاهدة مع السلطان العبدلي المسيطر على ميناء عدن حينها, وبعد الاتفاقية أصبح الميناء مفتوح للبضائع الانجليزية، حتى سيطر البريطانيون على عدن عام 1938م عندما قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة التي كانت تحكم كجزء من الهند البريطانية إلى سنة 1937م عندما أصبحت مستعمرة بحد ذاتها تابعة للتاج البريطاني.
شهادات للتاريخ
يقول المناضل "علي حيدرة ماطر" في تصريحات صحفية، أن عيد الاستقلال الوطني المجيد له دلالات ومعانٍ خالدة في ذاكرة اليمنيين.. فهذا اليوم المجيد جاء بعد تضحيات جسام قدمها شعبنا اليمني لنيل استقلاله من الاستعمار البريطاني البغيض الذي جثم على أنفاس اليمنيين ردحاً من الزمن.
وتابع:" لقد حققت نضالات اليمنيين العديد من المكاسب عقب عيد الاستقلال ومنها الوحدة اليمنية المباركة في مايو 1990، حقق من خلالها الشعب نهضة تنموية كبيرة.
من جانبه يقول المناضل "صالح سريع"، ان الـ 30 من نوفمبر شكَّل حدثاً عظيماً ونقلة في مسيرة كفاح شعبنا ضد الاستعمار البريطاني البغيض المحتل لبلادنا، حيث كانت بداية التخاطب مع المستعمر بلغة الكفاح المسلح، وشارك في هذا الكفاح العديد من أبناء شعبنا اليمني في كل أرجاء اليمن وبذلك انتصر شعبنا على أصحاب المشاريع الصغيرة وتم توحيد اكثر من عشرين سلطنة ومشيخة أوجدها الاستعمار لإضعاف اليمن والشعب اليمني.
ومن الجانب النسائي تقول المناضلة "منال عبدالاله العمري"، يشكل نوفمبر عنوان الارادة الذي أضاءت سماء الوطن معلناً للعالم اكتمال الميلاد الوطني اليمني مشرق بقيمه، فكان يوم الـ 30 من نوفمبر الخالد، يوم للتحولات لتحقيق آمال وتطلعات ابناء اليمن جميعا، والتي أثمرت منجزات وتحولات قائمة وشاهدة أمام المستعمرين الجدد من الحوثيين والمنظمات الارهابية المساندة له.
اقتباسات من كلمة للزعيم
وفي اقتباس هام من نص كلمة الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، موحد وباني اليمن الحديث وآخر المناضلين الحقيقيين في ذكرى عيد الاستقلال الـ 49، في العام 2016، نورد ما يلي:" في الـ 30 من نوفمبر عام 1967، ازدانت مدينة عدن الثورة والكفاح برايات وبيارق الاستقلال الوطني، وارتفع علم الثورة والجمهورية عالياً في كل مناطق شطرنا الجنوبي الحبيب، إيذاناً ببدء مرحلة وطنية جديدة في ظل كامل السيادة والاستقلال والإرادة الوطنية الحُرّة، بعد رحيل آخر جندي بريطاني من كافة الأراضي اليمنية، وانتهاء حقبة استعمارية بغيضة استمرت 128 عاماً، وسقوط مشروع الجنوب العربي واستعادة الهوية الوطنية اليمنية.
وتابع الزعيم قائلا:
إننا ندرك بأن أفراح شعبنا اليمني الحُرّ والصامد بعيد الإستقلال الوطني هذا العام منقوصة وغير مكتملة وتمتزج بالحزن والألم الذي يعتصر قلوب كل اليمنيين الشرفاء الأحرار، جرّاء ما تشهد البلاد من حروب ودمار وسفك للدماء الطاهرة من أبناء شعبنا الأبي من قبل التنظيمات الارهابية التي تسعى لتدمير كل مقوّمات الحياة، ومشاريع البُنية التحتية والمساجد والمدارس والمستشفيات والمعالم والآثار التاريخية الحضارية والسياحية.
إن من سخرية الأقدار أن ما يجري في الوطن تقوم به شرذمة من المتشبثين بالسلطة رغماً عن إرادة الشعب، والذين تجرّدوا من وطنيّتهم وخانوا الشعب والوطن والثورة والجمهورية والوحدة، وتنكّروا للتضحيات العظيمة للشهداء الأبرار الذين قدّموا أرواحهم ودماءهم رخيصة من أجل انتصار إرادة شعبنا في الثورة والتحرّر والإستقلال والوحدة، بل وشارك أولئك الخونة والعملاء في أعمال القتل والتدمير.
ووجه الشهيد الزعيم حينها التحية إلى مناضلي الثورة اليمنية قائلا:" أحيي بشكل خاص كل قادة الثورة اليمنية الخالدة 26ستمبر و14أكتوبر الأشاوس ورجال الدولة الأباة الذين حملوا على عاتقهم مسئولية قيادة مسيرة الثورة وخاضوا أروع ملاحم النضال الوطني من أجل بناء وترسيخ قواعد الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون والحفاظ على السيادة والإستقلال الوطني، وعملوا بكل الإخلاص والتفاني من أجل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي تم التوقيع على مشروع دستور دولة الوحدة في الثلاثين من نوفمبر عام 1989م، والتي ارتفع علمها شامخاً يوم الـ22 من مايو عام 1990م في سماء مدينة عدن الباسلة وكل الأرض اليمنية، تحقيقاً لأهم الأهداف السامية والإستراتيجية للثورة اليمنية الخالدة (26سبتمبر و14أكتوبر) وتجسيداً لتطلّعات جماهير الشعب التوَّاقة للحرّية والوحدة والديمقراطية، في ظل الجمهورية اليمنية الفتية التي قامت على أنقاض النظامين الشطريين اللذين كانا قائمين في شطري الوطن".
مواصلة النضال
وأشار الشهيد الزعيم الصالح حينها إلى مآثر التضحيات التي جسدها أبطال الثورة والجمهورية، وأكد استمرار النضال قائلا:" لقد قدّم شعبنا قوافل الشهداء ضد الإستعمار البريطاني من أجل استعادة حريته وإستقلاله وهويته الوطنية، وهو اليوم يواصل مسيرة آبائه المناضلين الأوائل، ويجترح التضحيات المعمّدة بالدماء دفاعاً عن وحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيها ومياهها البحرية وأجوائها".
وان مايجب تأكيده في هذه المناسبة بأنه بقدر توق شعبنا إلى الحرّية والسلام فإنه لن يفرّط بسيادته وإستقلاله، وأن استلهامه للحرّية والسلام نابع من نصر الثلاثين من نوفمبر العظيم ومن نصر الثورة اليمنية الخالدة (26سبتمبر و14أكتوبر) وأنه يستلهم أيضاً قِيم الفِداء والكفاح الوطني التحرّري، على نحو ما حدث مع الإستعمار البريطاني الذي أجبرته ثورة 14 أكتوبر الخالدة على الرحيل من عدن في الثلاثين من نوفمبر 1967.
لا مكان للدخلاء في اليمن
وفي تجسيد فريد لكفاح الشعوب، يعد اليمن انموذج، فهي بيئة طاردة لكل من تسول له نفسه ان يمس كرامة أرضه وشعبه، فقد سجل التاريخ اروع البطولات لتحرير اليمن شمالا وجنوبا من بطش الامام الكهنوتي المتخلف والاستعمار البريطاني الطامع بسيطرته على اهم ممر اقتصادي حيوي وهو مضيق باب المندب من خلال احتلال عدن، واليوم يتسمر النضال من لتظهير اليمن من المد الايراني الفارسي، وسيظل شعب اليمن حامي حمى الأرض والانسان من أي تدخل خارجي.
ويأتي الاحتفال هذا العام بمناسبة مرور 56 عاما على عيد الاستقلال 30 نوفمبر 1967، وبلادنا تواجه مؤامرة قذرة يسعى من ورائها ضعفاء النفوس الى إعادة عجلة التاريخ الى الوراء من خلال تقسيم اليمن الى أجزاء متفرقة والنيل من المكاسب الوطنية العظيمة التي تقف في صدارتها مكسب يوم 22 مايو 1990.
وسيظل شعبنا اليمني حرا أبيا شامخا رافضا اية وصاية عليه.. فلن ترى الدنيا على أرضي وصيا..