صحيفة بريطانية تكشف عن ملف متاجرة عصابة الحوثي باليمنيين للقتال ضد اوكرانيا
كشفت جريدة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، عن معلومات جديدة حول قيام عصابة الحوثي الايرانية في اليمن بعمليات تجنيد لمئات من اليمنيين للقتال في أوكرانيا.
وقالت الجريدة ،الأحد 24 نوفمبر، إن "عمليات تجنيد لمئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من قبل عصابة الحوثي الايرانية في اليمن تمت مؤخرا، حيث تم تهريبهم بعمليات غامضة الى روسيا، مستغلة الروابط المتينة بين موسكو وطهران التي تستغل أذرعها في عمليات اجرامية مشبوهة في مناطق عدة بالعالم.
تجنيد قسري
ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن مقاتلين يمنيين سافروا إلى روسيا أنهم تلقوا وعودا بالحصول على وظيفة براتب سخي، والحصول حتى على الجنسية الروسية، لكن فور وصولهم، بمساعدة شركة مرتبطة بقيادات بارزة في صفوف عصابة الحوثي، جرى تجنيدهم بشكل قسري في الجيش الروسي، وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا.
وتضمنت العقود التي وقعها اليمنيون، والتي اطلعت عليها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أسماء شركة أسسها عبد الولي عبده حسن الجابري، وهو سياسي حوثي بارز. وتشير وثائق تسجيل شركة الجابري، المسجلة في صلالة بسلطنة عمان، إلى أنها شركة سياحية ومورد بالتجزئة للمعدات الطبية والأدوية.
بداية المتاجرة بالبشر
ويبدو أن تجنيد الجنود اليمنيين بدأ في وقت مبكر من شهر يوليو/تموز. وكان أحد عقود التجنيد التي اطلعت عليها صحيفة "فاينانشيال تايمز" مؤرخًا في الثالث من يوليو/تموز، وجرى التوقيع عليه من قِبل رئيس مركز اختيار الجنود المتعاقدين في مدينة نيجني نوفغورود الروسية.
وقالت الجريدة: يعكس ذلك اقتراب الكرملين بشكل أكبر من إيران والتشكيلات المسلحة الموالية لها بالشرق الأوسط في خضم المواجهة مع الغرب.
المبعوث الأمريكي لليمن
وأكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينج، أن روسيا تتابع بنشاط الاتصالات مع عصابة الحوثي، وتناقش عمليات نقل الأسلحة، لكنه امتنع عن كشف مزيد التفاصيل.
وقال: “نعلم أن هناك متعاقدين روس في صنعاء يساعدون في تعميق هذا الحوار. أنواع الأسلحة التي تجرى مناقشتها مثيرة للقلق للغاية، ومن شأنها أن تمكن مليشيا الحوثي من استهداف السفن بشكل أفضل في البحر الأحمر، وربما خارجه”.
من جهته، قال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي: “روسيا تهتم بشكل كبير بأي مجموعة في البحر الأحمر أو الشرق الأوسط معادية للولايات المتحدة. تعمل مليشيا الحوثي على تنظيم صفوف المرتزقة بروسيا في إطار مسعى أكبر لبناء علاقات مع موسكو”.
اقرار حوثي
وفيما لم يستجب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام المتهم الاول بالوقوف وراء عمليات التجنيد والمتاجرة باليمنيين الى روسيا التعليق حول هذا الموضوع للصحيفة البريطانية، الا انها استشهدت بتصريحات سباقة لمحمد البخيتي، عضو المكتب السياسي للحوثيين، لموقع ميدوزا الإخباري الروسي في وقت سابق من هذا الشهر إنهم على “اتصال دائم” مع القيادة الروسية “لتطوير هذه العلاقات في جميع المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والجيش”.
وبحسب فارع المسلمي، الخبير في شؤون منطقة الخليج في تشاتام هاوس، فإن قِلة من المرتزقة اليمنيين تلقوا أي تدريب، وكثيرون منهم لا يريدون التواجد هناك.
وقال المسلمي: “إن الشيء الوحيد الذي تحتاجه روسيا هو الجنود، ومن الواضح أن مليشيا الحوثي يجندون [لهم]”، ووصف ذلك بأنه انفتاح على موسكو. وأضاف: “اليمن مكان سهل للغاية للتجنيد. إنها دولة فقيرة للغاية”.
شهادات حية
وقال أحد المجندين ويدعى نبيل، والذي تبادل رسائل نصية مع صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إنه كان جزءا من مجموعة تضم نحو 200 يمني تم تجنيدهم في الجيش الروسي في سبتمبر/أيلول بعد وصولهم إلى موسكو.
ورغم أن بعضهم كانوا من المقاتلين المتمرسين، فإن العديد منهم لم يتلقوا تدريباً عسكرياً. وقال إنهم تعرضوا للخداع حتى سافروا إلى روسيا ووقعوا على عقود تجنيد لم يتمكنوا من قراءتها.
وقال نبيل -الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي- إنه أُغرِيَ بفرص عمل مربحة في مجالات مثل “الأمن” و”الهندسة”، على أمل كسب ما يكفي لإكمال دراسته.
وبعد بضعة أسابيع، تم احتجازه مع أربعة يمنيين آخرين وصلوا مؤخرًا إلى غابة في أوكرانيا، وكانوا يرتدون ملابس عسكرية تحمل شعارات روسية، ووجوههم مغطاة بأوشحة. وقال أحد الرجال في مقطع فيديو تم مشاركته مع صحيفة فاينانشال تايمز: “نحن تحت القصف. الألغام والطائرات بدون طيار وحفر المخابئ”، مضيفًا أن أحد زملائه حاول الانتحار وتم نقله إلى المستشفى.
وقال الرجال في الفيديو إنهم كانوا يحملون ألواحاً خشبية عبر غابة مليئة بالألغام، على ما يبدو لبناء ملجأ من القنابل. وأضافوا: “لا نحصل حتى على خمس دقائق للراحة، نحن متعبون للغاية”.
وفي رسالة أخرى أرسلت بعد أيام قليلة، قالوا إنهم لا يملكون ملابس شتوية. وقال عم نبيل الذي يعيش في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي إن ابن أخيه أصيب مؤخرًا ونقل إلى المستشفى، لكنه لم يتمكن من مشاركة المزيد من التفاصيل.
وقال عبد الله، وهو يمني آخر طلب عدم نشر اسمه الحقيقي، إنه وعد بمكافأة قدرها 10 آلاف دولار و2000 دولار شهريًا، بالإضافة إلى الحصول على الجنسية الروسية في نهاية المطاف، للعمل في روسيا لتصنيع الطائرات بدون طيار.
وقال عبد الله إن مجموعته، عند وصولهم إلى موسكو في 18 سبتمبر/أيلول، نُقلت بالقوة من المطار إلى منشأة في مكان يبعد خمس ساعات عن موسكو، حيث أطلق رجل يتحدث باللغة العربية البسيطة مسدسًا فوق رؤوسهم عندما رفضوا التوقيع على عقد التجنيد، الذي كان مكتوبًا باللغة الروسية.
وقال “وقعت على الوثيقة لأنني كنت خائفا”. ثم تم نقلهم في حافلات إلى أوكرانيا، وتلقوا تدريبا عسكريا أوليا وأرسلوا إلى قاعدة عسكرية بالقرب من روستوف، بالقرب من الحدود الأوكرانية.
وقال عبد الله إن العديد من أفراد المجموعة الأصلية من الوافدين لقوا حتفهم في أوكرانيا، حيث تم نقلهم إلى الحرب من قبل “محتالين يتاجرون بالبشر”. وأضاف: “كان كل هذا كذبًا”.
وثائق تسجيل
ولم تستجب شركة الجابري للتجارة العامة والاستثمار لعدة مكالمات هاتفية ورسائل إلكترونية أُرسلت إلى العنوان المدرج في وثائق تسجيل الشركة. كما تعذر الوصول إلى الجابري، مؤسس الشركة، على رقم هاتفه.
والجابري سياسي بارز وعضو في البرلمان اليمني الذي انقسم عام 2015 بسبب الحرب الأهلية التي انحاز خلالها إلى مليشيا الحوثي. وهو لواء في فصيل الجيش المتحالف مع المجلس السياسي الأعلى لمليشيا الحوثي، وكان واحدًا من 174 من قادة مليشيا الحوثي الذين حكم عليهم بالإعدام غيابيًا من قبل محكمة عسكرية تمثل الحكومة الموالية للسعودية والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة في عدن، في عام 2021 لدوره في الانقلاب الذي قاده الحوثيون عام 2015.
وأرسلت عصابة الحوثي وفدين رسميين على الأقل إلى موسكو هذا العام، حيث اجتمعوا مع كبار المسؤولين في الكرملين مثل ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الكرملين إلى الشرق الأوسط.
وقال دبلوماسيون أميركيون إن موسكو تقدم مجموعة من المساعدات لمليشيا الحوثي، بما في ذلك بيانات تحديد الأهداف لبعض عمليات إطلاق الصواريخ، وكانت تناقش مبيعات الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن المتقدمة، على الرغم من أن الخبراء يقولون إنه لا يوجد دليل على أن أي مبيعات للأسلحة قد تمت.
وقال ليندركينج: “لقد رأينا تقارير تفيد بوجود مناقشات حول [الصواريخ المضادة للسفن] وأنواع أخرى من المعدات الفتاكة التي من شأنها أن تزيد مما يستطيع مليشيا الحوثي فعله بالفعل”.
وفيما يتعلق بتجنيد روسيا للمرتزقة اليمنيين، قال ليندركينج إنه اطلع على تقارير بهذا الشأن. وأضاف: “أعتقد أن هذا الأمر يثير قلقنا بالتأكيد. إنه جزء من هذا الاتجاه، وليس بالضرورة أمراً مفاجئاً بالنسبة لنا”.
وأحال السفير اليمني في موسكو أحمد سالم الوحيشي، ممثل الحكومة اليمنية، الأسئلة حول تجنيد الجيش الروسي لليمنيين إلى الملحق العسكري بالسفارة، الذي لم يرد على الاتصالات الهاتفية والرسائل.
وكان عبد الله واحدا من 11 يمنيا سُمح لهم بمغادرة روسيا إلى اليمن عبر عُمان في وقت سابق من هذا الشهر، وذلك بفضل جهود الاتحاد الدولي للمهاجرين اليمنيين إلى حد كبير، الذي ضغط على الحكومة اليمنية بعد احتجاج شعبي.
وقال رئيس مجلس إدارة الاتحاد علي الصباحي إن هذه قضية إنسانية توحد كل اليمنيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، مؤكدا أن مئات اليمنيين ما زالوا في روسيا، وأضاف “نتابع إخراجهم من ساحات القتال.