الموظفون في مناطق الحوثي .. قصة معاناة لا تنتهي
عصابة تريد من الناس أن يشيروا إليها على أنها دولة، وهي تمتهن أسلوب العصابات في كل شيء.
تلك هي عصابة الحوثي الإرهابية، التي ابتلي بها اليمنيين في شطر كبير من وطنهم وأعادتهم قرونا إلى الوراء، وأعادت دولتهم التي كانوا قد صنعوها إلى ما قبل الدولة، فلا مؤسسات خدمية ولا تعليم ولا صحة ولا مرتبات، وفوق هذا كله تفتعل المزيد والمزيد من الأزمات والكوارث التي لن يستطيع المجتمع تجاوزها أو التعافي منها إلا بعد أجيال. لقد سرقت كل شيء وقطعت أرزاق الناس في كل شيء، ولم تترك مجالا إلا وانهالت عليه بالجبايات والسطو والمصادرة.
معاناة لا تنتهي
يقول الناشط سليم عبدالسلام "للمنتصف" إن مليشيا الحوثي تهرب من صرف مرتبات الموظفين وتقوم بافتعال أزمات داخلية وخارجية، على أمل تلقيها ضربة أمريكية او إسرائيلية بغرض استثمارها في التحشيد مجدداً بذريعة أسطوانة ما تصفه بالعدوان، ومن ثم الاستمرار في نهب مرتبات الموظفين.
وأكد عبدالسلام أن عصابة الحوثي قادرة على صرف مرتبات الموظفين من عائدات الضرائب والجمارك والاتصالات وغيرها من دون الحاجة إلى مبادرات لو كانت لها نية حقيقية وتعاملت كدولة وليس كعصابة استولت على السلطة بالقوة ونهبت المال العام.
وأشار عبدالسلام إلى أن معظم الموظفين قاموا ببيع أثاث منازلهم ومجوهراتهم واستنفدوا كل مدخراتهم طيلة العشر السنوات الماضية، ولم يعد لديهم اليوم ما يأكلون.
وأشار الى ان البعض من الموظفين اضطر إلى بيع القات أو سائق للدراجة النارية، وهو أكاديمي في الجامعة، أو ضابط كبير في الجيش وغيره.
ولفت عبدالسلام إلى أن زوجة احد الموظفين في العاصمة المختطفة صنعاء اضطرت للتسول بعد أن توفي زوجها وانقطع راتبه.
في السياق، يقول خالد الهمداني "للمنتصف نت" إن قطع عصابة الحوثي لمرتبات الموظفين ليس بسبب شح في الموارد، بل هو سياسة مقصودة، بهدف إذلال الناس وإجبارهم على الذهاب إلى جبهات القتال.
وتوقع الهمداني أن لا يطول صبر المواطنين على عصابة الحوثي وتجويعها لهم، مؤكدا أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت وإزالة هذا الظلم والقمع الذي تمارسه عصابة الحوثي من سنوات.
من موظف إلى متسول
وليد محسن مدرس في صنعاء أكد "للمنتصف" أن عصابة الحوثي حوّلت الموظفين إلى متسولين.
يقول محسن: "حولونا إلى شعب متسوّل على أبوابهم وكنا قبل ذلك في بيوتنا معززين مكرمين، بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجوهنا، وبات طوق النجاة الوحيد من الموت جوعاً.
ولفت إلى أن بعض الموظفين قام بعرض بعض أعضائه للبيع؛ بسبب عدم وجود أي شي في البيت من طعام وشراب.
تجويع ممنهج
ومع ازدياد الضغوط على مليشيا الحوثي من قبل الموظفين، جراء استمرار انقطاع المرتبات، سارعت المليشيا إلى ابتكار أساليب جديدة، تهدف إلى تمييع مسمى الراتب، والذي يعد حقًا من حقوق الموظفين لا يحق لأحد منعه إطلاقا.
وهاجمت المليشيا الأصوات الحقوقية المطالبة بصرف المرتبات من الإيرادات التي تنهبها المليشيا، وتصف هؤلاء بأنهم "حمقى"، وتلصق بهم تهمة "خدمة العدو" حسب خطاب سابق للقيادي في عصابة الحوثي المدعو مهدي المشاط.
ووصف المشاط المطالبين بمرتباتهم بـ"الحمقى والغوغائيين والعملاء" كما اتهمهم بـ "إثارة الفتن والمؤامرات والعمل لمصلحة المخططات الأمريكية". حسب زعمه.
وتبرر عصابة الحوثي نهبها لمرتبات الموظفين، بمزاعم أن صرفها سيؤدي إلى رفع سعر صرف العملة المحلية.
وسخر النائب في برلمان صنعاء المختطف أن مزاعم أن صرف المرتبات سيؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف قائلا: إن ذلك "عذر أقبح من ذنب" ويعكس تجويعاً ممنهجاً للشعب اليمني. وأكد أن إيرادات صندوق المعلم وما يورد لبنك مركزي الحديدة تكفي لصرف المرتبات سواء من الموارد المحلية أو الخارجية.
واعتبر بشر أن هذا التصرف يُعد "تجويعاً ممنهجاً"، مشيرا إلى أن إيرادات مليشيا الحوثي من المجاري أكثر من 82 مليار ريال.
الجبايات على الدجاج تكفي لصرف المرتبات
رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين أبو زيد عبدالقوي الكميم، كان قد أكد أن الجبايات التي تفرضها عصابة الحوثي على بائعي الدجاج وحدها تكفي لصرف رواتب المعلمين
وأساتذة الجامعات وموظفيها.
وبحسب الكميم، فإنه يتم استهلاك 3 ملايين دجاجة في اليوم الواحد في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يُحصلون 300 ريال يمني ضريبة على كل دجاجة وهو ما يساوي 900 مليون ريال في اليوم الواحد، مؤكدا أن ما يتم جمعه من هذه الضريبة خلال الشهر يصل إلى 21 مليار ريال يمني في حين أن رواتب قطاع التعليم العام والجامعي لا تزيد على 7 مليارات ريال في الشهر.
يذكر أن اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة عام 2018، كان قد نص صراحة على ضرورة صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم من إيرادات موانئ الحديدة، إلا أن المليشيات الحوثية انتهكت هذا الاتفاق بشكل متكرر، وجعلت من رواتب الموظفين ورقة مساومة في مفاوضاتها السياسية.
وأكدت الاتفاقية على إيداع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في فرع البنك المركزي اليمني بمحافظة الحديدة بإشراف أممي للمساهمة في دفع مرتبات كافة موظفي الخدمة المدنية في الحديدة وعموم اليمن.