الصمت الدولي تجاه الجرائم الحوثية في اليمن .. أين العدالة؟!
في ظل الصراع المستمر في اليمن، كانت الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها مليشيات الحوثي بحق المدنيين والمنشآت المدنية هى عنوان السلوك الحوثى الذى لم يتغير، ولم يتوقف منذ دخولها صنعاء، بحق المواطنين والمؤسسات والمحافظات، واستمر هذا الإجرام يومًا بعد آخر وشهرًا بعد شهر، وسنة بعد سنة دون أي تعليق أو موقف دولي واضح تجاه هذه الجرائم المستمرة بحق الشعب اليمني.
هذا الصمت المريب يثير العديد من التساؤلات حول دور المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والدول الكبري في حماية المدنيين وتطبيق العدالة ونصرة المؤسسات الشرعية للدولة والمساعدة فى كسر شوكة العصابات والجماعات المارقة على النظام والقانون .
في هذا المقال، سنسلط الضوء على بعض هذه الجرائم والانتهاكات التي مرَّت دون أي رد فعل ملموس.
جرائم الحوثيين والصمت الدولي
على مدى السنوات الماضية، شهدنا جر أبناء تهامة إلى ساحات الإعدام دون محاكمات تُذكر او قل محاكمات هزلية ودون اى مصوغ قانوني وحماية، وفى المقابل لم نرَ أي تعليق أو موقف دولي واضح، وذلك يعكس مدى التجاهل للحقوق الإنسانية الأساسية.
وقبلها ، يتم إطلاق صواريخ على مطار مدني فى عدن واستهداف الطائرات وصالات المطار ووقوع عشرات الضحايا واستهداف كامل طاقم الحكومة، ومرَّت هذه الجريمة دون أي رد فعل أممي يدعو للاستنكار ويدعم حقوق المدنيين والمنشآت المدنية وتمتعها بالأمان.
وتُعدُّ انتهاكات حقوق المرأة أحد أكبر الجرائم التي تمر بصمت مطبق. فقد تم اختطاف مئات النساء وتعذيبهن، وإلصاق أبشع التهم بهن دون أي تعليق أممي أو موقف يندد بهذه الجرائم البشعة. والمتتبع لهذا الملف الأسود فى سجل المليشيات الحوثية البشعة يكتشف دناءة الخصم وعدم اكتراثه بعادات وقيم المجتمع بل والامعان فى إذلاله وامتهان كرامته.
إلى جانب ذلك، تزرع المليشيات الحوثية ملايين الألغام الفردية والمموهة المحرمة دوليًا في الطرقات والمدارس والبيوت، بينما يتم تمويل برامج نزع الألغام للمليشيات بدلًا من معاقبتها.
وتتفاقم الأزمة حينما نكتشف أن المنظمات التي تضخ أموالًا طائلة لدعم المجهود الحربي للمليشيات وتتحكم المليشيات مباشرة في صرف هذه الأموال، دون أي موقف أو تعليق أممي واضح يعترض على هذا الدعم غير المباشر للعنف. والأدهى من ذلك، تصل مئات الطائرات الأممية محملة بملايين الدولارات إلى صنعاء لتتحكم المليشيات في صرفها، مما يثير الشكوك حول شفافية وبرامج هذه الأموال.
وفي الوقت الذي يتم فيه ابتزاز المنظمات وحبس أفرادها، لا نجد أي تعليق أممي أو موقف واضح، مما يضع مصداقية هذه المنظمات على المحك. وكأن هذه الجرائم بحق الأطفال والمواطنين الذين يُقتلون قنصًا وبالهاونات وهم في بيوتهم وطرقاتهم ومزارعهم، تتم بمباركة أموال اممية و لا تستحق أي تعليق أممي يعكس حجم المأساة. ويقف المراقب للملف اليمني فى حالة دهشة واستغراب من هذا السلوك المشين.
لا يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تم استهداف الموانئ النفطية ومنع التصدير، ومحاصرة الحكومة، وتدمير اقتصاد الدولة، وخلق أزمات لمزيد من معاناة المواطنين، كل ذلك يحدث أمام أعين المبعوث الأممي و دون أي رد فعل دولي، وبل ويتطور الأمر الى توسيع دائرة الاستهداف، حيث يتم استهداف السفن في البحار بالألغام والصواريخ والطائرات المسيّرة دون أي تعليق أو موقف دولي واضح على الآثار السلبية التى عكستها تلك الأعمال على الاقتصاد اليمني ورفع كلفة النقل وغلاء المواد الغذائية و تهديد الأمن البحري العالمى برمته.
وما يزيد من تعقيد الوضع واستحاله الوصول إلى سلام مع هذه المليشيات هو استمرار تهريب الصواريخ والطائرات من إيران إلى الحوثيين دون أي تعليق أممي او موقف دولى حازم ، مما يعزز من قدرات المليشيات ويطيل أمد الصراع.
تغاضي الأمم المتحدة
من الواضح أن المبعوث الأممي والأمم المتحدة يتغاضون عن كل هذه الجرائم بشكل يثير الشكوك حول نزاهتهم وحيادهم. هل يعكس هذا التغاضي تواطؤًا ضمنيًا أم عجزًا عن اتخاذ موقف حازم؟ أيًا كان السبب، فإن هذا الصمت الدولي يبعث برسالة خطيرة مفادها أن العدالة يمكن أن تغض الطرف عن الظلم إذا كان مرتكبه مليشيات لا تؤمن أساسًا بالقانون الدولى ولا تضع بالًا لحقوق الانسان ولا تحمل ادنى مسؤولية اخلاقية ووطنية تجاه المجتمع الذى سيطرت عليه بقوة السلاح.
ختامًا ..
عشر سنوات خبرنا فيها المجتمع الدولى تمامًا، وأصبحنا اكثر فهمًا وادراكًا لدوره المشبوه، بل و نتشكك فى كل خطوة قد تأتى من هذا الطريق الذى بنظرنا ساعد المليشيات وأعطاها فرصًا كثيرة للاستمرار فى العنف وارتكاب الجرائم بحق شعبنا ووطنا، بل وتسعى الى شرعنة ذلك بمنحها صفة لا يمكن أن تحصل عليها ولو حاربت الف عام. نعم لم نعد نثق بالمجتمع الدولي الذى ظل صامتًا أمام كل هذه الجرائم والانتهاكات. وأعتقد أن المجتمع اليمنى سيخرج بدوره حلولًا اخرى لمواجهة المليشيات الحوثية فى المرحلة القادمة وبطرق تدعم حقه فى الحرية وحماية ثوابته الوطنية وهويته الجمهورية، وسيبحث عن طرقه الخاصة لتطبيق العدالة بحق كل من المجرمين والقتلة، فالأمم المتحدة والمجتمع الدولى لم تتح له خيارًا اخرًا لتحقيق العدالة التى انتظرها طويلًا وشعر انه فى حالة خديعة كبرى.