الصحافة الورقية.. جرس الإنذار الأخير
عاشت الصحف الورقية ردحا طويلا من الزمن.. وتطورت كثيرا، وحققت إنجازات لا ينساها التاريخ، وغيرت من حيوات أناس كثيرين، ونجحت في تحقيق التنمية في مناطق عديدة.
في القاهرة، كانت المنطقة المسماة الآن، شارع الصحافة عبارة عن أرض مهجورة، فحولتها أخبار اليوم، بقيادة مصطفى وعلي أمين إلى قلعة الصحافة في مصر، وصارت تضم مباني كبريات المؤسسات الصحفية.
الكفاح الوطني
وقادت الصحف الورقية الكفاح الوطني في فترة من الفترات، ضد المستعمر البريطاني، والملك وحاشيته الفاسدة، وبعد ثورة يوليو 1952، خاضت معارك ضروسا ضد الفساد أحيانا كثيرا، وضد التدخلات الأجنبية في شئون الوطن، وضد الانحلال، وضد الاستسلام للهزيمة.. ثم شاركت في التعبئة للمعركة الوطنية العظيمة التي كللت بالنصر المؤزر في أكتوبر 1973.
مدرسة الأحرار
واستهلت الأحرار مدرسة صحافة المعارضة، وكان لها إنجازات ونجاحات عملاقة ضد/ ومع الحكومة، والنظام الحاكم، آنذاك.. وسيذكر التاريخ، بأحرف من نور، إسم الدكتور صلاح قبضايا، مؤسس أكبر مدرسة صحفية عرفتها المعارضة في المحروسة، وأستاذ الصياغة الصحفية.
وكان لصحيفة الوفد معاركها الرهيبة، وتضحيات أبنائها، وفي مقدمتهم سعيد عبد الخالق، رحمه الله، والذي أتمنى أن تكرم نقابة الصحفيين اسمه، كأحد رواد فن الأسرار في الصحافة، حيث أسس باب العصفورة الذي كانت مصر بأسرها، من أقصاها إلى أقصاها، تتابعه أسبوعيا.
أمجاد الأهرام
لا يمكن لمتابع منصف أن يتجاهل أمجاد الأهرام، والجمهورية، وروزا اليوسف، وصباح الخير، وآخر ساعة، والهلال، والمصور.. وغيرها.
كما أن من المستحيل، أن ننكر أفضال رموز مثل: محمد التابعي، وموسى صبري، ومحمد حسنين هيكل، وإحسان عبد القدوس، وجلال الدين الحمامصي، وأنيس منصور، وغيرهم على الأجيال التالية من الصحفيين، وعاشقي الصحافة من القراء.
ولكن علينا أن نعترف بأن المؤسسات، مهما بلغت من قوة وانتشار، كالإنسان تماما، لابد لها من نهاية.
والصحافة الورقية تهاوت في معظم دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفي المنطقة العربية أيضا، مثل السعودية ولبنان، غيرها.. وتحولت كبريات الجرائد إلى مواقع إلكترونية، لتتفادى الخسائر الاقتصادية الفادحة، وللبقاء على قيد الحياة، بدلا من الرحيل التام.
في مصر يجب أن نواجه الواقع بصدق، وألا ندفن رءوسنا في الرمال، وبالفعل خطت بعض المؤسسات خطوات كبيرة بتحويل عدد من الإصدارات إلى إلكترونية، ولكن ما زالت المؤسسات الحكومية تقاوم التغيير؛ لأسباب عاطفية غالبا.. لكن في النهاية ستسقط الأوراق صريعة أمام الزحف المرعب للتكنولوجيا، والإنترنت، شئنا أم لم نشأ.
نقلا عن "فيتو "