Image

من النشأة مرورًا بـ 2006 إلى المخطوطة النادرة .. تدحرج عصابة الحوثي بين أقدام المخابرات وعمائم إيران

ظلت عصابة الحوثي الإيرانية في اليمن، تتدحرج بين أقدام، أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية، وتتنقل بين بيروت وطهران، على مدى عقود من الزمن، للحصول على رضا العمائم، وعطف الموساد والـ "سي آي إيه"، لتشكيل جهازها او حركتها ذات الطابع الطائفي المنسل على الدين والبعيدة عن العبادات، والمنفذة للمخططات والمؤامرات.

محطة 2006 في بيروت
شكلت محطة العاام 2006، أهم المحطات التي ارتبطت بها عصابة الحوثي بالموساد الاسرائيلي، من خلال لقاء عقد بين عناصر حوثية زعمت مشاركتها في مساعدة القوات الاسرائيلية على الانسحاب من بعض مناطق جنوب لبنان، فيما عرف لاحقا بحرب "تموز" التي يدعي حزب الله الانتصار فيه على القوات الاسرائيلية المنسحبة.
تقول المعلومات المتوفرة، بأن لقاء عقد بين عملاء للموساد الاسرائيلي ( المخابرات) وعناصر حوثية، تم فيه اعادة رسم العلاقة بين الجماعة الشيعية المنتمية الى ايران المحتضنة للمجمع الديني لليهود في مدينة اصفهان منذ تحرير خيبر في المدينة المنورة في صدر الاسلام، وحتى اليوم.
وكانت عصابة الحوثي بعثت مقاتلين في العام 2006، للقتال الى جانب حزب الله اللبناني ضد القوات الاسرائيلية حينها، بينهم عناصر مكلفة بالتواصل مع الجانب الاسرائيلي "الموساد" بطريقة سرية، وتحت ذريعة طبعا "الجهاد"، رغم خوض العصابة حربا ضد القوات اليمنية تحت شعارات طائفية ولتحقيق أهداف ايرانية.

البقاء في الضاحية
ومنذ ذلك التاريخ، بقيت عناصر حوثية في مناطق حزب الله خاصة الضاحية الجنوبية لبيروت، ليتم بعدها سفر عائلاتهم اليهم عبر طائرات خطوط إحدى الدول العربية، وفقا لمصادر مطلعة، مؤكدة ان عائلات الحوثيين حملت معها كميات كبيرة من الاموال والقطع الاثرية، سيتم من خلالها تمرير عمليات التواصل مع محبي المقتنيات والآثار ومن بينهم اسرائيليين مجندين من قبل "الموساد" لاستكمال التفاهمات مع العصابة التي كانت تستعد حينها لتنفيذ أجندة ايران في اليمن والمنطقة، وتبحث عن توفر مصادر حماية ومعلومات ومدافعين عنها أمام العالم.
مؤخرا تم نقل تلك العائلات والعناصر الحوثية من ضاحية بيروت ومناطق عدة في الجنوب اللبناني الى سورية وطهران، تحت وطأة الهجمات الاسرائيلية ضد مواقع حزب الله في تلك المناطق.

العلاقة مع حزب الله
ترتبط عصابة الحوثي بحزب الله اللبناني بعقيدة ايران الطائفية، الامر الذي جعهلم يشكلان عصابات منتشرة في لبنان وسورية واليمن والعراقي ودول اخرى في المنطقة، فيما بات يعرف بـ "وكلاء ايران" في المنطقة.
تلك العلاقة جعلت الحوثيين يستعينون بحزب الله في عمليات تدريب لعناصرها في لبنان ومناطق الحوثيين باليمن عبر الوحدة "800" المتخصصة بالعديد من المجالات القتالية الحديثة، فضلا عن ادارة العديد من عمليات الحوثيين ضد اليمنيين منذ انقلابها في 2014، وحاليا ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر والمنطقة بالمشاركة مع عناصر من الحرس الثوري الايراني.
وتؤكد المعلومات أن عناصر حوثية تلقت ايضا دورات عقائدية في الضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) من بيروت، ويتابع بعضهم تدريبات عسكرية في البقاع، والجماعتين يشكلان منذ 2011، أداتين لتنفيذ مشروع إيران في اليمن والمنطقة، حيث سعى الحوثيون للحصول على الدعم التكنولوجي والتوجيه العملي من حزب الله لتحقيق أهدافهم في الانقلاب على الدولة والسيطرة الميدانية في اليمن.
وحسب المعلومات، فقد جاءت مشاركة عناصر من حزب الله ومن الحرس الثوري الايراني في عمليات الحوثيين بضوء اخضر من المخابرات الامريكية، والتنسيق مع الجانب الايراني في اطار الاعداد لتنفيذ مخطط البحر الأحمر واستباحة غزة وجنوب لبنان لتأمين اسرائيل، منح ايران مزيد من التنازلات في سبيل حصولها على وقود نووي.

أربعة مجالات
وحسب المعلومات، اسندت الى عناصر حزب الله مهام في اطار جماعة الحوثي، منها :  التخطيط، لا سيما الاستراتيجي منه، -التدريب الميداني، مثل استخدام العبوات والصواريخ المضادة للدروع وكيفية إدارة عمليات عبر الحدود، - الإعلام الحربي، حيث برز دور حزب الله في هذا المجال من خلال تدريب العاملين في القطاع الإعلامي، واحتضان وسائله الاعلامية بمن فيها قناة المسيرة الناطقة باسم العصابة الحوثية، وقناة الساحات المناصرة لها، الى جانب عدد من المواقع الاخبارية على شبكة الانترنت.
كما برز دور حزب الله في الحرب الإلكترونية أو السيبرانية، انطلاقاً من خبرته في هذا المجال في تدريب الحوثيين على خرق الشبكات والحصول على معلومات مهمة، واحتضان حزب الله تجمّعات من السياسيين والناشطين الموالين للميليشيات الحوثية، الذين انتقلوا الى مناطق حزب الله عبر سورية والاردن.

العلاقة بعمائم ايران
شكلت طموحات إيران التوسعية وخطتها بتصدير الفكر الشيعي إلى المنطقة، عقب نجاح الثورة الخمينية، البذرة الرئيسية لتكوين جماعات تابعة لها في المنطقة ومنهم عصابة الحوثي في صعدة بشمال اليمن، حيث دعمتها مالياً وعسكرياً بعد تبني الجماعة المتمردة لفكر إيران الطائفي الدخيل على اليمن.
علاقة جماعة الحوثي بإيران تكشّفت خيوطها شيئاً فشيئاً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بدءاً من استقطاب قيادات الحركة ومناصريها وإرسالهم إلى قم الإيرانية للتعليم الديني، مروراً بالدعم العسكري والمالي للجماعة المتمردة التي أرادت تحويلها إلى ذراع لها في جنوب الجزيرة العربية والسيطرة على مضيق باب المندب أحد أهم ممرات الملاحة في العالم.
ومكن الدعم الإيراني، الحوثيين على  خوض الحروب الست التي شنتها الحكومة عليها بين عامي 2004 و2010.
وتمثلت ذروة هذا الدعم خلال الانقلاب على الشرعية، حيث لم يجد الحوثيون حرجاً في كشف علاقاتهم بإيران التي تحولت إلى شريك استراتيجي، فهبطت الطائرات الإيرانية في مطار صنعاء محملة بعناصر الحرس الثوري، إضافة إلى مواد وتكنولوجيا عسكرية.

ولا شك في أنّ إيران استطاعت استمالة الحوثيين إلى صفّها عبر استثمار بسيط أدّى إلى نتائج فعّالة عزّز مكانتها الإقليمية وأثبت نجاح سياستها الخارجية. كما مكن الدعم الإيراني الحوثيين لزيادة قدراتهم الإستراتيجية، التي بدأت معه تهديد الدول المجاورة وطرق الملاحة البحرية بما يخدم أهدافهم المحلّية وأهداف إيران الإقليمية.

اختراق الموساد 
تحدثت مصادر امريكية متعددة، مطلع العام الجاري، عن قدرات الموساد على اختراق كيانات معادية لإسرائيل في المنطقة، الأمر الذي أكدته عمليات البيجر وشبكة الاتصالات التابعة لحزب الله الايراني في لبنان، والتي تعتبر تتويجا لجهود الموساد في محاولات اختراق كيانات متعددة في المنطقة بينها وكلاء ايران.

ومع بداية العمليات ضد حزب الله الايراني من قبل الموساد مطلع اكتوبر 2024، بدأت العديد من الدول والكيانات في المنطقة، تتوجس خيفة من عمليات اختراق للمخابرات الاسرائيلية لها، وعلى راس تلك الكيانات عصابة الحوثي الايرانية التي تعيش حالة من التوجس والخوف والرعب وعدم الثقة باي عناصر تابعة لايران مباشرة في مناطق سيطرتها باليمن.
وفي هذا الصدد، توقعت مصادر عسكرية يمنية، ان تكون قواعد عصابة الحوثي مخترقة من قبل الموساد بشكل كبير خاصة وان الاخيرة لديها عملاء في صفوف الحوثيين منذ العام 2006، فيما تربط اسرائيل علاقات وطيدة مع الاماميين في اليمن منذ القرن الماضي.
في ظل حالة الفوضى والارتباك التي تعيشها إيران وأذرعها خوفًا من الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل، تأتي من داخل عصابة الحوثي، أخبارا تفيد باستبعاد عدد من القيادات العسكرية والأمنية، أو ما يعرف بقيادات الصف الأول داخل الجماعة، بتهمة تصوير أماكن هامة لصالح "الموساد" الإسرائيلي.

وأكدت مصادر يمنية، وجود أدلة قاطعة ومعلومات دقيقة حول وجود اختراق كبير للموساد للهيكل التنظيمي لعصابة الحوثي، من خلال تمكن عناصر حزب مثل "علي حسين سرور"، قائد القوات الجوية لحزب الله، الذي تم اغتياله من قبل إسرائيل، والذي كان يتواجد في اليمن، من تجنيد عملاء للموساد في صفوف الحوثيين.

علاقة تعاون 
وبالعودة الى العام 2016، نجد ان عصابة الحوثي قامت بعمليات تهريب سرية لمخطوطات يهودية عبر منظمات دولية الى اسرائيل في اطار العلاقة القديمة بين الإمامة واليهودية التي تعود إلى عهد نظام حكم الأئمة البائد في اليمن.
حينها كشفت عملية سرية قامت بها منظمات يهودية وأخرى أمريكية بالتنسيق مع عصابة الحوثي، بالتنسيق مع ايران لتنفيذ عملية تهريب 19 من يهود اليمن  حاملين معهم احد اقدم المخطوطات التاريخية في اليهودية التي كانت محفوظة في البنك المركزي بصنعاء، وذلك مقابل 13 مليون دولار.
حينها نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن نتنياهو قوله مخاطبا ممثلين لأفراد المجموعة المهرَّبة، إن إسرائيل انتظرت سنوات كي تخرجهم من اليمن. وجاء اللقاء بعد ساعات من نقل اليهود اليمنيين إلى مركز لاستقبال المهاجرين في مدينة بئر السبع الواقعة جنوبي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وكانت مكتبة اسرائيل الوطنية في القدس المحتلة أعلنت تلقيها 45 ألف مخطوطة يهودية من اليمن قدمها يهود يمنيين، وهي اكبر مجموعة مخطوطات يهودية في العالم كانت في اليمن.

من الإمام أحمد إلى الحوثي 
تعود العلاقة بين اسرائيل والأئمة في اليمن، إلى العام 1948 حين تم إعلان قيام دولة الاحتلال الصهيوني في المنطقة، من خلال تسهيل هجرة 49 ألف يهودي يمني عبر عملية أسميت "بساط الريح" والتي استمرت من يونيو 1949 إلى سبتمبر 1950 بشكل سري عن طريق الوكالة اليهودية وجرى نقلهم على متن طائرات أمريكية وبريطانية عبر عدن.
وتعتبر عملية "بساط الريح" الشهيرة أول اعتراف عربي باحتلال إسرائيل لدولة فلسطين لتتكشف بعدها سلسلة من عمليات التعاون لدعم بقاء بعضهما بعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962 وقيام الجمهورية، حيث أمدّت إسرائيل الإمام البدر بجسر جوي من السلاح والذخائر والمواد الطبية خلال الأعوام من 1964 إلى 1967 فيما عرفت بعمليات "عملية الصلصة" وبعد ذلك "عملية دربان" التي بدأت في 31 مارس 1964.. وتلتها بعد ذلك 13 طلعة جوية لليمن لتزويد الإماميين بالإمدادات العسكرية بأقصى درجات السرية".
وحينها أنشأت إسرائيل مراكز في تل أبيب لاستقبال المقاتلين اليهود للقتال إلى جانب الاماميين في اليمن، ووفقاً لما ذكره رئيس مركز نشوان للدراسات عادل الأحمدي، فقد استقطبت إسرائيل أكثر من 15 ألف من المرتزقة للقتال إلى جانب قوات البدر والحسن، وعلى رأسهم بوب دينارد المرتزق الفرنسي الشهير.

العلاقة مع الـ " سي آي إيه"
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة المونيتور الامريكية في تقرير لها في يناير 2015، إن الولايات المتحدة تحافظ على علاقات مخابراتية مع الحوثيين في اليمن، ونقلت الصحيفة عن مايكل فيكرز، المسؤول الكبير في المخابرات الأمريكية، أن الولايات المتحدة الأمريكية على علاقة مع جماعة الحوثي، وذلك في إطار جهود واشنطن لمحاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، على الرغم من استمرار العنف في العاصمة اليمنية، وسيطرة الجماعة على صنعاء منذ سبتمبر 2014.
ويرى تشارلز شيمتز الخبير في شؤون اليمن بمعهد الشرق الأوسط، أن الحوثيين لديهم قدرة كبيرة في المساعدة للقضاء على الارهاب في المنطقة، وهي الحرب التي تخوضها المخابرات الامريكية في الشرق الاوسط والعالم.
وقال شيمتز أن الحوثيين قدموا كل الدعم للهجمات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في اليمن، مبيناً أن هناك تحالفاً بين الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية.
وحسب المعلومات المتوفرة بشأن العلاقة بين الحوثيين والمخابرات الامريكية، فإن شطب الحوثيين من قائمة المنظمات الارهابية من قبل إدارة بايدن، جاء بطلب من الـ "سي آي إيه"، ونواب في الكونغرس من الحزبين مرتبطين باجهزة استخباراتية امريكية.
وكان مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، تحدث في تصريحات صحفية، عن اهمية وجود اتصالات مع الجماعات المسلحة في المنطقة بمن فيها المرتبطة بايران، لتكوين آراء حول القضايا هناك.
واكد بأن أميركا تواجه اليوم واحدة من تلك اللحظات النادرة، للتواجل في هياكل التنظيمات والجماعات والدول في المنطقة، خاصة تلك المرتبطة بايران بالعراق واليمن، لمواجهة صعود الصين والانتقام الروسي الذي جيوسياسية.
وقال بيرنز إن مفتاح أمن إسرائيل -والمنطقة- هو التعامل مع إيران حول برنامجها النووي وتمكين العدوان الروسي وكبح الحوثيين، مضيفًا أن الولايات المتحدة ليست مسؤولة حصرا عن حل أي من مشاكل الشرق الأوسط المزعجة، لكن لا يمكن إدارة أي منها، ناهيك عن حلها، بدون قيادة أميركية نشطة.
وأضاف أن المشهد الجديد في العالم يمثل بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي تركز على الذكاء البشري، وسط عالم يقود فيه خصما الولايات المتحدة الرئيسيان -الصين وروسيا- "يعملون مستبدين داخل دوائر صغيرة من المستشارين"، أصبحت النظرة الثاقبة لنوايا القادة، أكثر أهمية وأكثر صعوبة من أي وقت مضى.

أخيرًا .. ن علاقات الترابط بين عصابة الحوثي وأجهزة مخابرات في اسرائيل والولايات المتحدة، تؤكد بأنها تعيش على التضليل واستخدام شعارات منافية لحقيقة ما تمارسه، كما تؤكد بأنها أداة ومعول هدم ليس لليمن فقط بل والمنطقة.. فهي صنيعة المخابرات والعلاقات المشبوهة والمتاجرة بكل ما هو انساني.