أيها المترفون رفقاً بالبطون !
أُسدل الستار و انتهت برتوكولات الاحتفالات و فود المناسبات لنواجه واقعنا المُر وجهاً لوجه والصراع من أجل البقاء ، في حين نجد أن شريحة واسعة من أبناء هذا الشعب المسكين و عددًا كبيرًا من المواطنين و الموظفين يحملون هموم العالم لكنهم لا يحملون هم أسرهم ، ولا يحرّكون ساكناً تجاه قضيتهم المعيشية ، فيخذلون بعضهم بعضاً على أنساق مختلفة بسبب التجاذبات السياسية رغم الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المواد الغذائية و الانهيار المتسارع للعملة الوطنية ، وتخطي الدولار حاجز الألفي ريال ، في وضع استثنائي غير مسبوق ربما سيقودنا إلى مجاعة حقيقية و مآلات كارثية .
أولئك الجياع الذين أحرقتهم نار الأسعار وارتفاع الدولار و تأخر المرتبات باستمرار ، مناضلون و منسوب الوطنية لديهم عالٍ ومرتفع ، يُلبون النداء فيخرجون في جميع الفعاليات والمسيرات الجماهيرية و الاحتفالات الوطنية ، و يناصرون قضايا الأمة العربية و الإسلامية ، بينما ينكرون ذواتهم دون أن يمثل لهم الهم المعيشي أولوية في سلم حياتهم.
نجدهم يتابعون أخبار العالم على مدار الساعة ويتفاعلون مع أحداث الكرة الأرضية ، لكنهم يغضون الطرف عن معاناتهم اليومية في ظل الأوضاع المعيشية و الاقتصادية الصعبة ليغدو ذلك ترفاً فكرياً و اجتماعياً يدعو للحيرة و الدهشة.
تلك الشريحة تشكل كوكتيلاً من الطبقات الاجتماعية و النخب المثقفة ، جلهم ينتسبون للنقابات المهنية والعمالية و للمنظمات الجماهيرية و الإبداعية و للأحزاب و التنظيمات السياسية ، لكن أصواتهم لا ترتفع بالشكوى، و لا تطالب بالحقوق المطلبية ، فينافقون قياداتهم الحزبية و النقابية بالخذلان والصمت البليد ، على حساب جوع أطفالهم و أنين شكواهم المستمر في مواجهة الجوع و الفقر و الفاقة و الحرمان.
تجويع ، و تركيع ، و صمت فضيع لا يضاهيه سوى صمت أهل القبور و الراحلين إلى الدار الآخرة ، فغالبية شعبنا اليمني الصابر يجمعه الوطن المشترك و الهم المشترك والجوع المشترك و يوحده الفقر ، و الألم ، و يتطلع لحياة كريمة رغم الوجع ، فيقنع بالعيش الكفاف رغم الانكسار ، و يُشكّل رغيف الخبز لديه هماً مؤرقاً ، كون الإحساس بالجوع أمراً مقلقاً لا يشعر به سوى من عاش تلك اللحظات القاسية ، ليصبح الحصول على حبة "طماطيس" عند الفقراء أمنية.
حياة صعبة في زمن القحط لا تكون ، ولقمة عيش لا تهون،
فرفقاً بالبطون..
أيها الجائعون،
ثوروا وانتفضوا
إن لم يحرككم الجوع و قرقرة البطون،
فمتى ستنتفضون؟!