لهذا نحن أكثر تمسكًا بثورة 26 سبتمبر
كلما انحدرت الأوضاع في اليمن نحو الهاوية، كلما زاد تمسك الشعب بثورة 26 من سبتمبر المجيد، وكلما ظن وكلاء ايران انهم أحكموا سيطرتهم على البلاد والعباد، كلما أرّقهم إحياء تلك الثورة، وسيطر عليهم الهلع من اتساع رقعة الغضب الشعبي العارم، واستبد بهم الرعب من خروج أفواج الشعب، كالسيل الهادر، وسماعها وهي تزأر بصوت واحد: " الشعب يريد إسقاط الظلام.. الشعب يريد إسقاط الإمام ".
يؤمن اليمنيون أن الجمهورية ليست مجرد راية، وان ثورة 26 سبتمبر ليست إيقاد شعله فحسب، فالثورة عقيدة شعبية، ومنهج وطني، على أساسه قامت دولة الجمهورية، الدولة المسؤولة عن تحقيق أهداف الثورة، لكن هذه الدولة التي دأبت خلال عقود على تحقيق أهداف 26 سبتمبر، تم اغتيالها تدريجيا بدءًا من نكبة 2011، ومرورًا بلعنة 2014 وصولًا إلى ما آلت إليه اليمن، اليوم من غياب حقيقي لمعنى الدولة، وتدمير متعمد لما تحقق للشعب من أهداف ثورته العظيمة.
يعتقد أدعياء الحق الإلهي، وأحفاد الكهنوت، بسهولة الضحك على اليمنيين، يريدون اقناعنا – دجلًا، ونفاقًا، وتقيه - بأنهم يبجّلون ثورة 26 سبتمبر، والحقيقة أنهم أوقدوا شعلتها بميدان التحرير، ولوّحوا بالعَلم الجمهوري - على مضض وغيض وقهر - لعلهم يطفئون بعضًا من النار المشتعلة في صدور اليمنيين تجاه ما فعلوه باليمن، ذلك أنهم من استباح الوطن، ودمّر الدولة، واستعبد الشعب، وأهان ثورته، وتاجر بالدين، وقضايا الأمة، بدعوى الولاية، والاصطفاء الالهي، والارتهان لنظام الملالي، والعمالة لطهران.
يحتقرون عقلية المواطن، وينظرون إليه بسخرية إمامية بغيضة، مستبعدين قدرته على ادراك مكرهم، وتفنيد ألاعيبهم، يذرفون دموع التماسيح على ثورة الشعب، في حين يغرقون الشوارع بالشعارات واللافتات المضحكة لنكبتهم (21سبتمبر) دون أن يكون لثورة 26 سبتمبر أي شعار أو حتى لافته واحده، ناهيك عن اساءاتهم المستمرة، المعلنة والخفية، للثورة والثوار الذين مزقوا وجه الإمامة قبل 62 عامًا، وحرصهم على طمس وتشويه أهداف سبتمبر في مناهج التعليم، وتقارير الإعلام، فضلًا عن اعتقال وتهديد كل من يُظهر نوعًا من الاحترام والتقدير لثورة 26 سبتمبر، وراية الجمهورية اليمنية.
تهاوت على مدى بضعة عشر عامًا أهدافنا السبتمبرية السته، حتى أضحت العصابات بديلًا للدولة، إذ قامت بتفكيك جيش الجمهورية، وقوته الضاربة، قبل استبداله بمليشيات طائفية، وقوى غير نظامية، متعددة الولاءات لغير اليمن، كما أصبحت الوحدة اليمنية ،اليوم، في وضع لا تحسد عليه، وتكاد تكون اسوأ من وضعها قبل 22 مايو 1990، وامام التحرر من الاستبداد والاستعمار، وإقامة جمهورية عادله، وازالة الفوارق الطبقية في المجتمع، وجد الشعب نفسه - بعودة الإمامة - ضحية للاستبداد والظلم، والاستعمار بالوكالة والعمالة، وغارقًا في مستنقع الطبقية، التي أعادت المجتمع إلى زمن الساده والعبيد، قبل انبلاج فجر 26 سبتمبر 1962، ناهيك عن التدهور الاقتصادي، والثقافي والاجتماعي، والخدمي، وتردي الوضع المعيشي الصعب، الذي أعاد اليمن وأهلها للاحتضار من جديد تحت سطوة الفقر والجهل والمرض، وعلى ذات السقوط لم تسلم بقية أهداف الثورة، وإنجازات الجمهورية - بما فيها التعددية، والديمقراطية، وحرية التعبير، ومشاركة المرأة، ومقومات البناء والتنمية - من الحرب والتدمير على يد الاماميين الجدد من جهة، والمتربصين باليمن من جهات اخرى.
شعر الشعب اليمني إزاء ما سبق بالفرق الشاسع والكبير بين الأمس واليوم، وادرك ان اهداف الثورة التي كان يقف عليها عزيزًا شامخًا آخذة بالتهاوى والسقوط من تحت قدامه، فكان لزاما عليه ان يتمسك - اكثر من أي وقت مضى - بطوق النجاة المتمثل بثورة 26 سبتمبر، والحفاظ عليها، والتزام الولاء الصادق لها، والوفاء لأهدافها، والعمل على تثبيت مداميكها، ورفع سياجها، وحمايتها من أعداء الأمس، وسماسرة اليوم؛ إيمانًا ويقينًا بأن الثورة، والنضال من أجلها، السبيل الوحيد بعد عون الله، لاستعادة الدولة اليمنية، وإقامة الحكم الجمهوري العادل، الذي سيمكّن اليمن من الوقوف مجددًا بكل شموخ وعزة، على قمم أهداف ثورته الخالدة، حاملًا علم الجمهورية، ورافعًا كف الانتصار.