هل سينجح اليمنيون في حماية مكتسبات ثورة 26 سبتمبر من محاولات الحوثي لطمسها؟
بعد مرور أكثر من ستة عقود على ثورة 26 سبتمبر المجيدة، تواجه أهداف وقيم هذه الثورة تهديدات حقيقية نتيجة انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر 2014.
في استطلاع "المنتصف نت" يسلط محللون ومختصون في القضايا الاعلامية والمجتمعية، الضوء على التحديات التي تواجه ثورة ال 26 من سبتمبر ، بالإضافة إلى الأدوار المطلوبة من الحكومة والشعب للحفاظ على مكتسبات الثورة ومواجهة المشروع الحوثي الذي يسعى لتغيير هوية اليمن و الجمهورية.
هجوم ممنهج
يشير المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي إلى أن أهداف ثورة ال26 من سبتمبر المجيدة تتعرض لهجوم ممنهج من قبل مليشيا الحوثي، حيث تحاول المليشيا طمس القيم والمبادئ التي قامت عليها الثورة.
يقول الفاتكي: "أن مليشيا الحوثي تسعى إلى تعزيز فكرة أحقية السلالة الحوثية في الحكم من خلال أنشطة طائفية، تستهدف الجيل الجديد".
وبحسب الفاتكي: "يركز الحوثيون على محو الهوية الجمهورية التي أسستها الثورة، عبر تنظيم دورات ثقافية تغرس مفاهيم "البطنين" وتُمجّد السلالة الحوثية، ما يهدد مستقبل الجمهورية".
كما أوضح الفاتكي أن مليشيا الحوثي قامت بإلغاء الاحتفالات الرسمية بثورة 26 سبتمبر، بل واعتقلت الشباب الذين حاولوا تنظيم احتفالات في الشوارع. علاوة على ذلك، تم تغيير المناهج الدراسية التي كانت تركز على قادة الثورة مثل النعمان والزبيري، واستبدالها برموز من قيادات مليشيا الحوثي في محاولة واضحة لطمس الذاكرة الوطنية.
يضيف الفاتكي: "أن مليشيا الحوثي تسعى لقطع الصلة بين الشعب وثورة 26 سبتمبر، مستهدفين الهوية اليمنية الجمهورية واستبدالها بهوية سلالية طائفية تتبع ملالي إيران".
رغم كل هذه المحاولات، يؤكد الفاتكي، أن الشعب اليمني لا يزال متمسكًا بجمهوريته، وسيمضي في مقاومة المشروع الحوثي حتى إسقاطه واستعادة الدولة.
ودعا الفاتكي الحكومة إلى الالتصاق بمشاكل المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، وتقديم نموذج حكم رشيد لمحاربة الفساد وتعزيز الوحدة بين القوى الوطنية الداعمة للشرعية.
بناء إعلام مؤسسي
من جانبه سلط مدير مكتب الإعلام بمحافظة تعز، أمين الخرساني، الضوء على الدور الإعلامي في مواجهة مليشيا الحوثي، موضحًا أن مليشيا الحوثي قامت بتدمير معظم المؤسسات الإعلامية الحكومية والحزبية ولم يتم إعادة بنائها باستثناء مؤسسة 14 اكتوبر.
يرى الخرساني أنه من الضروري، بناء مؤسسات إعلامية قائمة على أسس مؤسسية تبث باللغتين العربية والإنجليزية، وتستفيد من مختلف أشكال الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، لافتًا بهذا الصدد أن دور وسائل الإعلام الحالي ضعيف ولا يؤثر بشكل كافٍ على الرأي العام.
ويؤكد الخرساني، أن دور وسائل الأعلام في مواجهة خطر مليشيا الحوثي سيظل ضعيفًا ومحدود التأثير ما لم توجد مؤسسات إعلامية قائمة على أسس مؤسسية تبث باللغتين العربية والإنجليزية وتستخدم كافة أشكال العمل الإعلامي من الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، على ان لا يقتصر الإعلام على الجانب الخبري فقط ، بل يتعداه إلى التقارير والتحقيقات الصحافية والإستطلاعات والمقابلات والتعليقات والتحليلات وغيرها.
محاربة التعليم
وأشار الخرساني إلى أن مليشيا الحوثي تركّز على طمس ثورة 26 سبتمبر من خلال محاربة التعليم وقمع الأنشطة التي تُخلّد هذه الثورة.
وأوضح أن مليشيا الحوثي عملت منذ الانقلاب على قطع رواتب المعلمين في مختلف المستويات التعليمية، في محاولة لتعميم الجهل، حيث يرى الحوثيون أن تجهيل المجتمع هو وسيلتهم الأساسية للحفاظ على سلطتهم.
وأكد أن الحدث الأبرز الذي تحاول الحركة الحوثية الكهنوتية طمسه والقضاء عليه هو التعليم، ولذلك ركزت منذ العام الأول للانقلاب على قطع رواتب المعلمين في كل مستويات التعليم الأساسي والثانوي والجامعي. وقد ظهر هدفهم جليًا وواضحًا حتى بدون ألإعلان عنه لأن التجهيل الذي هدفوا إلى تعميمه هو وسيلتهم لاستمرار حكمهم.
يضيف الخرساني: "ترافق استهداف مليشيا الحوثي للعملية التعليمية باستهداف الوحدة الوطنية وتقسيم المجتمع اليمني إلى طبقات ومناطق وظهور ما أسموه بميثاق الشرق القبلي... إلخ" ..
وأكد الخرساني على أهمية دعم الحكومة للتعليم كما تدعم الجبهات العسكرية، فالجبهات التعليمية لا تقل أهمية عن المعارك العسكرية.
دعوة للتصدي للفكر الحوثي
يرى الصحفي والكاتب محمد الشجاع أن وسائل الإعلام المعارضة لمليشيا الحوثي، تلعب دورًا ضعيفًا في مواجهة المشروع الحوثي، غير أن هذا الدور لا يزال غير كافٍ بسبب تداخل القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة.
وفي هذا السياق، يدعو الشجاع إلى تكريس الجهود الإعلامية للتصدي للمشروع الحوثي، من خلال تنظيم ندوات وأبحاث تسلط الضوء على خطورة المشاريع الطائفية التي تكرّسها المليشيا.
وحول دور الشباب في مواجهة الفكر الحوثي السلالي يشير الشجاع أيضًا إلى أن الجيل الحالي أصبح أكثر وعيًا بخطورة الإمامة بعد الأحداث التي شهدتها اليمن، حيث أدرك الشباب حجم التحوّل الذي أحدثته ثورة 26 سبتمبر، وهو ما جعلهم أكثر تمسكًا بمكتسباتها.
يعتبر الشجاع أن الثورة هي درس تاريخي مستمر يجب أن تستفيد منه الأجيال القادمة، في مواجهة محاولات الحوثيين لتقسيم المجتمع وتحويله إلى جنود لخدمة مشاريع رجعية.
دورٌ محوريٌ
ويرى الناشط الإعلامي والمجتمعي محمد العزي الصبري أن دور الشباب اليمني محوري في مواجهة التحديات التي تفرضها المليشيات الحوثية، مشيرًا إلى أن الشباب يمثلون العمود الفقري للمجتمع، وأن إبداعهم هو الأمل في المستقبل.
يُبرز الصبري مساهمات الشباب في المقاومة الشعبية ضد مليشيا الحوثي، وفي تقديم خدمات إنسانية وإغاثية للمتضررين من الحرب، فضلًا عن دورهم في إعادة إعمار المناطق المدمرة.
من جهة أخرى، شدد الصبري على أهمية بناء مؤسسات الدولة بناءً صحيحًا، بحيث تكون قادرة على حماية المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية بعيدًا عن الحزبية والمناطقية.
يضيف، أن دعم الجيش الوطني وتوفير مستلزمات بنائه يعتبر أمرًا حيويًا في مواجهة التحديات العسكرية.
كما أكد على ضرورة مكافحة الفساد وإقرار قوانين تضمن المساءلة والعدالة.