26 سبتمبر أطاحت بالأجداد .. متى سنقضي على الأحفاد؟
تجلّت قداسة ثورة أيلول بهذا الوهج السبتمبري البراق الذي ما زالت جذوته مشتعلة وما زال بريقه لم يخفت طيلة 62 عامًا حتى اللحظة، وما زالت أشعته الوضاءة تظللنا جيلًا بعد آخر .
فكل الثورات تبلى إلا أيلول شامخا لا يشيخ.
ولا شك أن الوهج السبتمبري هذا لم يأتِ من فراغ أو سراب بل جاء بعد حلكة ساردة وظلام دامس ، وعصور غابرة تجرعتها اليمن واليمنيين لعهود مضت..
فما قبل أيلول شهدت اليمن عصر حكم أسرة حميد الدين، و رزحت خلاله تحت وطأة أزمنة كهنوتية ظالمة، وعقول راكدة، وسجون وأغلال وقضبان، ومجتمع يغوص ويتلطخ بالجاهلية وعصبياتها وأفكارها ومفاهيمها المنغلقة، و عمّ الظلم والطغيان والعزلة أرجاء اليمن
عصر ظلامي، كل ما فيه آسن وراكد، الأرض والإنسان، إذ لا حكومة ولا مؤسسات حكم، لا تعليم ، لا صحة ، لا طرقات ، لا منشآت، لا بلاد ولا وطن إلا يعيش في قمقم الإمام و عكفته، لا يلعلع فيه إلا عواء القيود وزئير الأغلال تكبل أقدام حافية تمشي على جمر التخلف والركود.
في ذلك الزمن الغابر الملوّث بالبؤس والفقر والأمراض والأوبئة،
وعقلية "عكفي" الأمام الذي يدخل الباب ببندقيته بالعرض، هذا العكفي ظل مسلطًا على كل يمني كان رهينًا لجباياته يجمعها لسيده الإمام ويشارك الناس بكل أرزاقهم البسيطة آنذاك، بينما الأئمة حكموا بطريقتهم الفردية المطلقة، المستبدة التي تعتمد على النسب الذي كانوا يرون فيه انهم سادة وكل اليمنيين رعاياهم وعبيدهم ومن خرج عن طاعتهم خرج عن طاعة الله باعتبار أن الله ارتضى لهم ان يكون حكامًا،حسب زعمهم.
لكن كان لا بد للقيد أن ينكسر ولا بد للطغيان أن يتلاشى، ولابد للوطن أن يعيش الحرية، هكذا أراد أحرار سبتمبر ، رجال أشداء أوفياء لم يرتضوا بعهود العبودية والعزلة، كل أهدافهم كانت وطنية بحتة من أجل اليمن فقط، أرادوا وفعلوا وقدموا الأرواح للأرض الطيبة وانبثقت عنهم ثورة المجد والخلود 26 سبتمبر .
كان صراعًا مريرًا بين الضياء والعتمة، بين الحرية والعبودية بين التحرير و العزلة، و بين الحكم الجمهوري وحكم الاستبداد والنتيجة أن انتصرت الجمهورية وانتصرت الثورة التي علمتنا أنها ليست مجرد بهرجات أو رص كلمات وأناشيد وطنية، بل زرعت فينا القيم الوطنية وعملتنا أن
الحقوق لا تؤخذ إلا بـ"القوة" ، والحرية لا تؤخذ إلا بـ"القوة" والوطن لا يُسترد الا بـ"القوة".
انتصرت ثورة 26 سبتمبر على الإماميين الأجداد لكن اليمن يبدو انه مبلي بالكهنوت ، الذي يصر أن يتلون ويتشكل بهيئة الإماميين الأحفاد ( الحوثيين)، إلا أن المضمون المقيت واحد، لكنه هذه المرة عاد مصبوغا بضبغة إيرانية أمقت تحاول أن تعود باليمن لزمن العكفة والعمائم والذل والاستعباد.
وكما أطاحت الثورة السبتمبرية بأجداد الحوثي، لن يكون الانتصار على الأحفاد إلا امتدادًا للثورة السبتمبرية واطاحتها بأجدادهم قبل 62 عامًا وستنبثق ثورة إيلول من جديد وتقضي على أحفاد الإمام..
ثورة 26 سبتمبر باقية وأثرها باقٍ وستظل باقية وأبدية، لأنها ليست يوم أو كلمة بل أن الثورة فكرة ومبدأ ومصير ولن يمحي هذا المبدأ ما يقوم به الحوثي من اعتقالات وسجون وترويع لمن يحتفل بعيد 26 سبتمبر لأن الثورة كما قلت قناعة ومبدأ مغروس بأرواح اليمنيين منذ 62 عامًا ولن يحيدون عنه مهما حاول قمعهم الإماميون الأحفاد.
26 سبتمبر أطاحت بالأجداد .. فمتى سنقضي على الأحفاد؟