هل زيارة الرئيس ستحرر المخفيين والمعتقلين من مراكز الاحتجازات غير الرسمية؟
لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية أو اجتماعية في مجتمع حقوقه الأساسية مصادرة ، بما فيها الحقوق الأساسية الغير قابلة للتقييد ، تحت أي ظرف أو عمل طارئ ..
و بما أن الحكومة اليمنية لم تبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بأية حالة طوارئ عامة ناشئة بسبب النزاع ، فهي ملزمة بجميع الاتفاقيات الحقوقية المصادقة عليها اليمن دون تقييد أو تذرع بأي وضع استثنائي..
فلو افترضنا بأن الحكومة اليمنية اعلنت حالة طورئ مستقبلًا، تظل هناك حقوق متعددة غير قابلة للتقييد بما فيها الحق في التحرر من الحرمان التعسفي من الحياة ، والحق في عدم إخضاع أحد للتعذيب ، ولا للمعاملة القاسية أو اللإنسانية ، والحق لكل إنسان في حرية الفكر والوجدان والأصل الاجتماعي ، وغيرها من الحقوق المكفولة في القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في السلم والحرب معاً.
السؤال المطروح هنا: هل زيارة الرئيس لتعز تحمل في طياتها إصلاحات جادة ، في استعادة شريان الحياة ، من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير لمعالجة القضايا التي تؤرق مدينة تعز، وفي مقدمتها قضايا الانتهاكات الجسمية المتعلقة بحقوق الإنسان، كجرائم الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية ، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية. التي تسببت في خلق بيئة طاردة غير آمنة، أعاقت حركة التنمية، و أدت إلى هجرة الكوادر المهنية ورؤوس الأموال؟
بما أن الحرية هي الغاية الحقيقية من قيام الدولة، ولا يمكن الحديث عن الدولة والتنمية في بلد لا يكفل الحريات لمواطنيه ، أو كما يقول باروخ سبينوزا: " إن الغاية من تأسيس الدولة ليس تحويل الموجودات العاقلة إلى حيوانات وآلات صماء، بل المقصود منها هو إتاحة الفرصة لأبدانهم وأذهانهم كي تقوم بوظائفها كاملة في أمان تام".
وكما هو معروف بأن اليمن طرفاً في القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي يجرم الاختفاء القسري، والقتل خارج القانون، كما يجرم تحويل الأعيان المدنية إلى أعيان عسكرية، وتأتي ضمن المهام الرئيسية التي تقع على عاتق الرئيس لزيارته لتعز، معالجة جميع اختلالات الأجهزة الأمنية، ومخالفات المؤسسة العسكرية لقواعد القانون الدولي الإنساني، ومن ثم إلزام محور تعز وألويته العسكرية بالكشف عن مصير المخفيين، وإخلاء جميع الأعيان المدنية من الثكنات العسكرية ، كون بقاء الثكنات العسكرية داخل الأعيان المدنية، يضع المؤسسة العسكرية والحكومة المعترف بها دوليًا أمام المساءلة الوطنية والدولية.
خلاصة القول، ينبغي على الرئيس أن يتحمل مسؤوليته الوطنية و القانونية والأخلاقية، والخروج باتفاق يحمي الحياة المشتركة لسكان تعز، ويعيد التوازن السياسي المختل الناتج عن الاستقواء بالقوة واحتكار المؤسسسة العسكرية والأمنية بيد طرف سياسي، تسبب بتفاقم الوضع الإنساني وتوسع رقعة انتهاكات حقوق الإنسان.
كما ينبغي على المجلس الرئاسي أن يدرك جيدًا أن أرضية استعادة الدولة وإحلال السلام لن يأتي إلا بخلق النموذج الأمثل، وخلق بيئة جاذبة و آمنة تحترم حرية الإنسان وآدميته.