الأزمة اليمنية.. ظلام شاهق وغموض بلا حدود..!!
منذ البداية الأولى للأزمة اليمنية لم تكن هناك طرقات متعددة أو خيارات متنوعة ولا حتى احتمالات متفاوتة.. كان الأمر واضحاً وجلياً بأن هناك انقلاباً ولا بد من إنهائه في الدرجة الأولى من الأهمية،بل وكشرط أساسي يمكن البناء عليه، ثم تالياً الاهتمام بمتعلقاته وآثاره من أجل فقط التفكير في عودة أو إعادة الأمور إلى نصابها، لا طريق يمكن اتخاذه وسلوكه ما لم يتأسس على ذلك.. نعم كان وما يزال ذلك الطريق هو طريق اليمنيين الأوحد للوصول لبر الأمان.. ولكن.....!!
بعد كل ما قدمه اليمن واليمنيون من تضحيات وتكاليف باهظة طوال ما يقارب عقد من الزمان، فجأة يجدون أنفسهم بعد طول الأسفار يصطدمون بجدار صلب يمتد بين السماء والأرض، حاجباً عنهم آفاق الخلاص..!!
خط نهاية انقطعت فيه حتى سبل قراءة الواقع، وتوقفت محاولات التفكير في الإمكانات والاحتمالات، ضاقت كل رؤيا وأعتم كل شي، ولم يعد في سعةٍ إلا مساحات الإبهام والغموض، وحيز القلق والمخاوف..!! وجدنا أنفسنا في مواجهة واقعنا نتبادل معه بلكنة يائسة تساؤلاً بائساً: ماذا بعد..!! وللأسف لا نستطيع نحن ولا الواقع الإجابة عن هذا التساؤل، حتى بأبسط الاحتمالات والمخارج الممكنة..!! لتتحول كل الوعود والوعود المضادة إلى لافتات سراب متوالية وركام رماد لا تزال تتصاعد منه روائح أجسادنا ودمائنا وآمالنا وطموحاتنا وثقتنا في أنفسنا، وليس في أولئك الذين يبرعون في تصوير الكذب وخلف الوعود كنهج مثالي وسلوك أنبياء..!!
أين نحن الآن..؟! وأين وصل بنا الحال..؟! لا ندري.!!. لا نعلم شيئاً بعد اصطدامنا بهذا الجدار، لا نرى شيئاً عدا السواد، نكتب عليه بالأسود أيضاً أسوأ ذكريات البشرية، وهامش سيرة سرابية عشناها كغيبوبة طويلة، كلها ظلام ومخاوف وكوابيس مرعبة ومشاهد دامية ويأس من كل شيء حتى أنفسنا..!! لم يعد أحد منا، ابتداء من العامة ومروراً بالمحللين والعارفين ووصولاً للساسة، يجد إجابة عن شيء ولا يمتلك تفسيراً لشيء..!!
حتى الكاذبون والمراوغون لم تعد لديهم مساحة مناسبة للكذب والمراوغة..!! نعم عند هذا الجدار وفي هذا الظلام الحالك توقف كل شيء من حولنا: تفاصيل الحياة، دوران الأرض، تعاقب الليل والنهار...، بدا أن كل شيء ساكن لا يتحرك بل ميت لا علامة أو ومضة فيه تدل على الحياة..!!
ماذا بعد..؟! صيغة سؤال يبدو أنها لم تعد ممكنة الطرح في حالنا في اليمن.. لأن الإجابة عنها لم تعد ممكنة أو متوفرة لدى أحد ممن كنا نعول عليهم، لأسباب منها القاهر والملزم، أن نجد لديهم أجوبة عن كل الأسئلة أو بعضها، وتفسيرات شبه مقنعة لما أمكن من التساؤلات.. لقد تُركنا عند هذا الجدار كعشار معطلة، نتدثر بحاجات لا حدود لها، تُركنا عرايا ليس من الملبس وحسب وإنما من الفهم والإدراك أيضاً، وجوعى ليس للزاد والغذاء فقط وإنما لإدراك ولو لمحة خاطفة عن مصائرنا وعن مصير هذا الوطن الذي يسمونه اليمن..!!