بين حربين .. اليمن وأفغانستان.. البداية والنهاية

08:27 2024/07/31

هذا ما كنا نخشاه منذ بداية الحرب في اليمن، أن تكون نهايتها مثل نهاية  الحرب التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد حركة طالبان في أفغانستان في التسعينيات، والتي استمرت لأكثر من عقدين من الزمن، حتى تمت  نهاية المسرحية والاعتراف بحركة طالبان كسلطة فعلية في أفغانستان بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية في خطة رسمت أهدافها مسبقاً وكان هدفها تدمير الدولة الأفغانية وشن حرب بالوكالة بحجة مكافحة الإرهاب. ومحاربة التوسع الشيوعي .

كان مشهد خروج القوات الأمريكية قاسيًا على العملاء والخونة الأفغان الذين أدركوا الأهداف الحقيقية للحرب على بلادهم وأنها حرب عبثية قادتها المخابرات الغربية من أجل القضاء على الدولة الأفغانية ، وهم الذين صفقوا لها مقابل الدولار الأمريكي. المشهد الآخر الذي لا يمكن محوه من الذاكرة كان احتفال قيادات حركة طالبان وأغلبهم من خريجي السجن الأمريكي الشهير “جونتامامو” في القصر الرئاسي الأفغاني بعد هروب الرئيس منه، في مشهد تقشعر منه الأبدان من خبث السياسة الغربية وفي خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي القاه عشية الانسحاب من أفغانستان قال: "لقد ذهبنا إلى أفغانستان قبل 20 عامًا للقضاء على أولئك الذين هاجمونا في 11 سبتمبر 2001، ونجحنا. في مهمتنا، لم تكن مهمتنا في أفغانستان بناء دولة أو تشكيل ديمقراطية بل كانت منع أي هجوم إرهابي على أراضينا".

وهذا الخطاب أثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست إلا صانعة الإرهاب في العالم والراعي الرسمي له وهناك أوجه تشابه كثيرة بين أفغانستان واليمن وهما دولتان آسيويتان مسلمتان، والقبيلة هي عماد المجتمع فيهما.. يتشاركان بدرجات متفاوتة في مظاهر الفقر والتخلف والحرمان، لكنهم دفعوا ويدفعون ضريبة الجشع في الموقع الجغرافي على الرغم من أن الأول بلد حبيس لا منفذ له على البحر، والثاني يتمتع بإطلالات ساحلية والموانئ البحرية الاستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وفيما يتعلق بتضاريس البلدين، ففي معظمها وعرة وجبلية، كما أن هناك مناطق لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الحيوانات.

أما بالنسبة للحرب في البلدين، تدخل أمريكا في أفغانستان بحجة محاربة حركة طالبان الافغانية وفشلت في القضاء على الحركة، وتدخل التحالف في اليمن، عام 2015 ضد المليشيا الحوثية لكنها فشلت أيضا في القضاء على الحركة الحوثية أو الحد من قدرتها العسكرية التي تطورت بشكل كبير خلال سنوات الحرب وشكلت تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الخليجي والعالمي ما دفع  الحكومة السعودية أخيرًا  لإنهاء الأزمة اليمنية مع الحوثي عبر مفاوضات السلام..

لقد دمرت الحرب مقدرات الشعب اليمني ودمرت البنية التحتية من مدارس وطرق ومستشفيات لكنها لم تدمر المشروع الإيراني أو حتى تضعف القدرات العسكرية التي أصبح يمتلكها الحوثيين 
ربما سيتكرر خطاب بادين الذي ألقاه عند انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان لكن هذه المرة صيغة الخطاب عربية بحتة، ونحن نشهد انتهاء الحرب في اليمن  في ​​واقع مماثل لم حدث في أفغانستان لتكشف الحرب خبث السياسة الدولية وقديم أطلق على أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات... واليمن مقبرة الغزاة.