سيناريو لليمن بفكر الحوثي و الإخوان
إنها "شهادة للتاريخ" ، هذا ما يمكنه أن يصف اللقاء الذي جمعني بالسفير الأمريكي السابق "مايكل جيرالد فيرستين" في مدينة تعز وبالتحديد عند زيارت لاحد المصانع التجارية عام 2011م تقريبا كانت تلك الزيارة فرصة نادرة للتحدث مع شخصية سياسية بارزة ومؤثرة، ولكن ما لفت نظري بشكل خاص هو موقفه المتشدد من قضية الانتخابات الرئاسية باليمن، و التي كانت تتطابق مع وجهة نظر الحوثيين والإخوان المفلسين، و تتعارض مع الدستور اليمني ومبادئ الديمقراطية بدولة ناشئة كاليمن .
حقيقة، كانت تلك الرؤية مثيرة للاستغراب حينما لمست أن السفير الأمريكي السابق لم يكن مهتمًا بقضية المشاركة السياسية والنزاهة في الانتخابات بقدر ما كان يفضل الانتخابات وفق الرؤية الحوثية والإخوانية، باغتصاب السلطة تحت يافطة الديمقراطية، وتساءلت بدهشة مفرطة: كيف لراعية الديمقراطية ومن تنادي بأحقية الشعوب باختيار من يمثلها ألا تكترث بالكيفية التي يختار الشعب بها قادته؟،
بل عكست من خلال سفيرها حينذاك تدخلًا خطيرًا في الشؤون السياسية الداخلية لليمن .
نعلم جميعًا، أن الديمقراطية ليست مجرد شعارات و مهرجان انتخابي، بل نظام سياسي يحترم حقوق الإنسان ويضمن مشاركة الشعب في صناعة مستقبله عبر صندوق الاقتراع بكل شفافية ونزاهة، وبما يحقق الهدف السامي في التداول السلمي للسلطة وحكم الشعب نفسه بنفسه بعيدًا عن الانقلابات واللجوء إلى الفوضى.
لا أخفيكم أن ما دفعني للكتابة هو مقطع الفيديو للرئيس السابق علي ناصر محمد و الذي كشف فيه عرض أمريكي للانقلاب على الرئيس علي عبدالله صالح أواخر العام 2010م، وأن يكون هو البديل بالانقلاب او الديمقراطية وذلك بقوله خلال لقائه مجموعة من الصحفيين اليمنيين في اسطنبول إنه التقى بضباط مخابرات أمريكيين في لندن بشهر أغسطس 2010 وسألوه بشكل مفاجئ عن استعداده لاستلام السلطة في اليمن فكان جوابه "الرفض" .
ففي السياسة لا تأتي الأحداث مصادفة وليس مصادفة أن يأتي العرض الأمريكي للرئيس علي ناصر محمد من الضباط الأمريكيين في أغسطس 2010 م وذلك لأن العرض كان لا يفصله عن اندلاع فوضى انقلاب 2011 سوى عدة أشهر، ضمن ما يسمى بالربيع العبري الذي تآمر على الدول العرببة وأشعل فيها الفوضى والاضطربات التي مازالت آتارها إلى اليوم ..
وما سبق يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المؤامرة التي حدثت لليمن كانت أمريكية بامتياز باعتبارها راعية الفوضى الخلاقة بالشرق الاوسط أوصلت الإخوان للسلطة وأول ما فُضحوا بمصر استبدلتهم بالحوثيين كإحدى أذرع إيران وسلمتهم ملف الفوضى وزعزعة الاستقرار بالمنطقة .
من الطبيعي ان ترفض أخي الرئيس العرض الأمريكي وتكشف عن تفاصيله بعد عودتك من روسيا في تصريحات مثيرة ضمن اجتماع محور ايران و الإخوان، مما يؤكد أن هناك سيناريو جديد و انت لست ضد الانقلاب كما زعمت ولكن الاختلاف في الأدوات التي تحب ان تكون تابعًا لها و الضمانات .
لم تكن مصادفة إن يجتمع عدد من السياسيين اليمنيين في تركيا، من المحسوبين على محور إيران والإخوان، فهؤلاء تجار الحروب الذين استفادوا من الصراعات الدائرة في اليمن، وكانوا جزءًا من المؤامرات التي أسقطت اليمن ونظامه الجمهوري. ببساطة لأن
مصلحتهم الرئيسية هي ملء جيوبهم وجيوب أبنائهم وأحفادهم، دون أن يكترثوا لمصلحة الوطن أو بمعاناة الشعب اليمني إلأنهم يرون الوطن مصدرًا للثروة والسلطة يمكن نهبه دون أي مراعاة للأخلاق أو مبادئ وطنية، يتبعون سياسات مشبوهة لا تخدم إلا مصالحهم الشخصية ومصالح محور إيران والإخوان، و يعملون كأدوات بيد الخارج لتحقيق أهداف تدميرية على حساب مستقبل اليمن وشعبه.
يعلم اليمنيون أن المخاطر والمؤامرات محدقة باليمن من الكل وبالتالي يجب عليهم أن يكونول واعين لهذه الأجندات الخبيثة، وأن يقفوا ضد هذه السياسات الفاسدة التي تهدف إلى استغلال الوطن وتدميره.
وفي المقابل ، على السياسيين الشرفاء أن يتحدوا ضد هذه العناصر الفاسدة، ويعملوا من أجل استعادة الوطن وتصويب مساره وإعادة بنائه على أسس قوية ومبادئ إنسانية تصب جميعها في مصلحة الوطن ونهضته ونمائه .
اليمن ليس ملكًا لأحد ولا يمكن لأي فاسد طماع أن ينهبه دون ردع، فالمسؤولية مسؤولية الجميع في الدفاع عن وطنه من أي مخطط تأمري، والعمل على ردع كل متآمر يسعى لدماره، وذلك من أجل تحقيق السلام والاستقرار للجميع، لأنها معركة استعادة النظام الجمهوري و بناء الوطن والعزة والكرامة التي يجب على الجميع المشاركة فيها بكل قوة وعزيمة.
من المعلوم أن التاريخ لا يرحم أحدًا، وتاريخنا يسجل كل تدخل في شؤون الدول، وما وصلت إليه من حالة يرثى لها نتيجة السياسة الأمريكية، وعلى الجميع أن يكونوا حذرين ومسؤولين في تعاملهم مع الشؤون السياسية، من أجل بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون البنّاء بعيدًا على المؤامرات التي تقودها دول عظمى بحق الشعوب، وإشعال الحرائق بالمنطقة معتقدة أنها ستكون في مأمن و بعيدة عن ما قد يصاحبها من كوارث ، وكما يقال "النار تحرق رجل واطيها".