لا أحد بحجم اليمن

11:48 2024/07/03

يصيبني الاشميزاز و الغثيان هذه الأيام من بعض المقالات و المنشورات هنا و هناك، وذلك  لكثرة المديح و التضخيم لقيادات لم تكن سابقًا شيئًا يُذكر، لكنها و بشكل مفاجئ أصبحت، وبحسب وصفهم، "بحجم الوطن" ، و أنا مؤمن أن لا أحد بحجم اليمن. فاليمن يتسع الجميع، ولو كان  خدامها بحجم اليمن، كما يدعون، لما أوصلوها إلى هذا الوضع السيء.

إن بعض الكتاب الصحفيين الذين يصفون الأشخاص بأنهم "بحجم الوطن" يستخدمون هذه العبارة كوسيلة للتعبير عن قيمة وأهمية الشخص الذي يتحدثون عنه، ولكن عندما ننظر إلى هذه العبارة بعمق، نجد أنها تحمل في طياتها الكثير من الكذب والنفاق.

فالوطن مفردة عظيمة وعميقة، و هو مكان مقدس بالنسبة للجميع، ننتمي إليه، نتشبث بجذورة وغالية علينا زرات تربه، ونحمله في قلوبنا أينما حللنا وارتحلنا. 
إنه المكان الذي فيه أمننا وأماننا كياننا ومصيرنا وهويتنا وكل مشاعر الحب والولاء الكبير للوطن. 
ومن الطبيعي جدًا  أن نحمل كل هذه المعاني القيّمة تجاه وطننا، والتي لا يضاهيها شيء ، لكن ما ليس طبيعيًا أن يتم استخدام عبارة "بحجم الوطن" لوصف شخص ما، فإن ذلك يبدو وكأنه محاولة لتضخيم قيمته وأهميته بشكل مبالغ فيه. فالشخص ليس بحجم الوطن، ولا يمكن مقارنته بشيء من هذا القبيل، لأن الإنسان هو كائن فريد بذاته، وله قيمته الخاصة والمميزة.

قد يكون الهدف من وصف الشخص بأنه "بحجم الوطن" هو إظهار قوته وعزيمته، ولكن في الحقيقة يمكن أن يبدو هذا التعبير مبالغ فيه وغير دقيق. فالشخص ليس وطنًا يمكن قياس حجمه، بل هو إنسان يمتلك خصائصه الفريدة والمتنوعة.

علاوة على ذلك، يمكن أن يثير استخدام هذه العبارة مشاعر الغثيان لدى القارئ، و مردود عكسي لأنها تبدو كأنها محاولة لتضخيم قيمة الشخص بشكل غير مبرر. فالقراء يبحثون عن الصدق والواقعية في الكتابة الصحفية، وعندما يتم استخدام عبارات مبالغ فيها يمكن أن يفقد النص مصداقيته وقوته.

نأمل من الكتاب الصحفيين أن يكونوا دقيقين في استخدام العبارات والمصطلحات، وأن يتجنبوا المبالغة في وصف الأشخاص بطريقة لا تنسجم مع الواقع.

من جانب آخر ، على الناس أيضًا أن يكونوا حذرين ويتجنبوا التعامل مع المنافقين، ويكونوا على استعداد لكشف حقيقتهم وعدم الوقوع في فخهم وخداعهم، بالإضافة إلى المصداقية والشفافية في تعاملاتهم مع الآخرين، لتجنب   الوقوع في فخ المنافقين والتعرض للخداع والخيانة.

فلا أحد اطلاقًا بحجم الوطن.