نبض حرف
تخبرني بأنها ومنذ فترة طويلة لم تعد تقرأ لي ،وانها تفتقد حروفي، وتتمنى في أي لحظة أن تجد ما تكحل به عينيها ، لأن كلماتي تبعث البسمة على وجنتيها ، وأن بريق حروفي يشع في عينيها، وأن قلبها يرقص طرباً من هول الكلمات المتناغمة ، وأن كل حرف بالنسبة لها يعد سمفونية رائعة تتراقص عليها .
لم تكتفِ بذلك، بل أردفت أن كلماتي تنساب عليها كما ينساب الليل بعد النهار، وأنها تشعر وكأنها ترتدي كلماتي كمن يرتدي عباءته، وأنها تتدثر بكل حرف أصيغه.
تقول لي ، بأن حروفي بالنسبة لها تشرق فيها كما تشرق النجوم في مملكة سوداء، وأنها تبدو كنجوم لامعة وأحجار كريمة تتلألأ في سماء مخملية.
وأنهت حديثها بأنها تتمنى لو أنها تقرأ لي كل يوم ولو جملة واحدة ، مستنجدة بي أن تقرأ اليوم لي وأنها تنتظر مني فعل ذلك ..
لم أعدها أني سأفعل ، فالكتابة بالنسبة لي ليست أمراً في غاية السهولة أستطيع فعلها في أي وقت وفي أي مزاج.. الكتابة بالنسبة لي أمر مقدس إن شرعت بها يجب عليّ أن أبدأ بطقوس خاصة.
أنا لست من ذلك النوع الذي ما إن يمسك قلمه تناثرت على صفحاته الحروف ، وتزاحمت الكلمات ورصت العبارات، وتزينت بعلامات الترقيم ، وحارت فيها عبارات التعجب ،وداهمتها علامات الاستفهام ،أنا لا أكتب إلا تحت سطو شعور معين ، هذا ما كنت أعتقده ، لكنني اليوم اكتسحت ذلك الإعتقاد وبت أكتب دون شعور ودون أية طقوس ، فقط أكتب لأنني وددتُ أن أكتب ولأنني أجد روحي في الكتابة ،كما تجد هي روحها وهي تقرأ حروفي هذه التي أكتبها الآن لتصل إلى قلبها محملة بعبارة:
" أنتي جميع حروف اللغة التي إن غبت غابت معك كل الكلمات والعبارات والجمل".