من ذكريات إعدام الشهيد صدام

11:59 2024/06/17

أذكر ذلك اليوم الذي أُعدم فيه أسد العرب الشهيد صدام حسين على يد الأمريكان. كنت وقتها في العاشرة من عمري ولم أكن أعرف السياسة ولا معنى القطب الواحد ولا معنى انهيار الاقتصاد، والتحالف الدولي أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن
أو إلامبريالية المتوحشة.. 
لم نكن نعرف الدولار ولا سعر الصرف، ولم نسمع أحداً يتحدث عن انقطاع الرواتب أو ارتفاع الأسعار... الخ.

وبالعودة إلى يوم إعدام الشهيد صدام حسين، ذهبت إلى السوق لشراء بعض الضروريات وأنا في السوق سمعت أن أمريكا أعدمت صدام شنقاً. كان لدي علم مسبق بأن أمريكا هي التي  غزت العراق، لكنني لم أعرف التفاصيل. 
وأثناء عودتي إلى المنزل، قادني فضولي إلى أحد مراكز الشرطة لأرى كيف تم تنفيذ الإعدام. وكانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها عملية إعدام شنقاً على شاشة التلفزيون. بدأت أشاهد فيديو الإعدام الذي انتشر على كل شاشات التلفاز، وتكرر مراراً وتكراراً، وكمية الأحداث العاجلة التي كانت تظهر على الشاشات.

أذهلتني شجاعة وصمود صدام حسين رحمه الله، وكيف لقي الموت واقفاً. والملفت في الأمر هو ما جعل لحظة إعدام الشهيد صدام حسين لا تزال عالقة في ذهني مع كل عيد أضحى، كان أحد ضباط قسم الشرطة ملتصقاً أمام التلفاز ويبكي بمرارة وألم وتخيلت أنه قريب من صدام. فسألته: هل تعرف هذا الشخص المعدوم؟، -أقصد صدام- وقال: من لا يعرف صدام الزعيم العربي الوحيد الذي ضرب إسرائيل والزعيم العربي الوحيد الذي تخاف منه أمريكا وهو الزعيم العربي الوحيد الذي حارب المد الفارسي في العالم العربي، ولن تقوم للعرب قائمة بعد صدام. لم أعر كلامه أي اهتمام وقتها لأني لم أكن أعرف ما كان يقوله. وعندما كبرت عرفت معنى كلامه، ولماذا كان يبكي بهذه الطريقة الصبيانية الهستيرية. بعد صدام حسين انتشر المد الشيعي الفارسي في الوطن حتى وصل إلى اليمن، وبعد صدام تحول العراق إلى دول متحاربة،وتم  تقاسم نهرا دجلة والفرات. وبعد صدام برزت الأعلام الإسرائيلية في بعض الدول العربية.

الدرس الفلسفي الأخير من استشهاد صدام حسين هو أن الإنسان قد يعيش بالموت. واليوم يعد صدام حسين مثلاً أعلى للبطولة والفداء والتضحية والصبر، وكل قيم الخير والفضيلة التي تطمح إليها الإنسانية في كل بقاع الأرض، وقدوة لجيل من الشباب يحمل همته واسمه وذكرى مرحلة تختزن لحظات من التألق والتجلي والإلهام يصعب كتابتها أو رسمها أو تصويرها أو التعبير عنها.

المجد لأمة الشهداء التي كان عنوانها ومجدها. فرسم لهم طريق المبادئ الخالدة، ودفع أثمانهم الباهظة مع الخالدين وهو راضٍ.

رحم الله الشهيد الحي. في قلوبنا صدام حسين.. 
ولآ نامت عيون الجبناء والمرتزقة والعملاء والخونة