"المنظومة العدلية وهيئة الزكاة والحارس القضائي".. هيئات حوثية مستنسخة إيرانيًا لنهب ومصادرة أموال وممتلكات اليمنيين
عمدت مليشيات الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران" في اليمن، منذ العام 2018 لإنشاء هيئات طائفية مستنسخة من النموذج الإيراني، لتنفيذ مخطط واسع لنهب ومصادرة أموال وممتلكات اليمنيين، والتي تجسّدت بشكلها الأوسع من خلال سطوها على الشركات والمنازل والعقارات والودائع الخاصة باليمنيين لصالح دعم وتمويل مشروع إيران الطائفي في اليمن والمنطقة.
من خلال تلك الهيئات وقانون منع المعاملات الربوية، نفّذت الجماعة الإيرانية العديد من العمليات التي أدت لنهب ومصادرة الأموال والسطو على المنازل والشركات والتي كان آخرها السطو على شركتيّ الأدوية في صنعاء.
وخلال الفترة التي استشهد فيها الرئيس الزعيم علي عبدالله صالح، نهاية العام 2017، الذي كان حارسًا أمينًا لحقوق وممتلكات اليمنيين والدولة اليمنية، استباحت الجماعة وبمخطط إيراني أموال وأراضي وعقارات وشركات ومحلات تجارية في مناطق سيطرتها.
قانون المعاملات الربوية
ومن خلال هذا القانون الذي اقره مجلس النواب المنتهي الصلاحية الواقع تحت سيطرة الجماعة، قامت مليشيات الحوثي بمصادرة أموال وودائع اليمنيين في البنوك بمناطق سيطرتها بحجة أنها أموال ربوية، ودفعت العديد من تلك البنوك خاصة التجارية نحو هاوية الافلاس.
ومن خلال ذلك القانون المخالف للدستور اليمني، نفّذت الجماعة العديد من الممارسات التي هدفت للاستيلاء على مقدرات البنوك والمؤسسات المالية، وتسخيرها لخدمة أنشطتها وحروبها العبثية، والإضرار بالوضع الاقتصادي والمالي لليمن بشكل عام، مستغلةً وجود أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرتها بالقوة الغاشمة، لذا قام البنك المركزي اليمني في عدن بإتخاذ الإجراءات الأخيرة بشأن نقل البنوك للحفاظ على ما تبقى منها باعتبارها من أهم البنوك اليمنية.
ووفقًا لمصادر مصرفية، فإن الحوثيين عمدوا منذ 2018 إلى الاستحواذ ومصادرة جزء كبير من المبالغ النقدية لتلك البنوك، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوفرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها بوصفها أحد مصادر دعم مجهودها الحربي دون اكتراث لتأثير ذلك على نشاط البنوك وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.
وذكرت المصادر، بأن المليشيات الحوثية قامت عبر جهات قضائية غير قانونية في صنعاء منذ عام 2017، بتجميد أرصدة حسابات عدد كبير من العملاء والشركات التابعة لأشخاص معارضين أو غير موالين لها، ومصادرة ونهب الأرصدة، "بذرائع الخيانة والعمالة" المزعومة.
وعبر "قانون منع المعاملات الربوية، الذي تجرم من خلاله التعامل بالفائدة"، مارست الجماعة اجراءات احتيالية على أموال المودعين من العملاء ونهب حقوقهم المتمثلة في العوائد المستحقة عن ودائعهم المصرفية، والقضاء على ما تبقى من ثقة بالقطاع المصرفي، والحافز على الادخار والاستثمار، ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الوضع المالي وأداء الاقتصاد الوطني بشكل عام.
هيئة الزكاة
اصدرت الجماعة عبر ما يسمى المجلس السياسي الأعلى في أبريل 2018 قراراً باستحداث "الهيئة العامة للزكاة" وهي كيان طارئ، ضمن خطة وتصور زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لإعادة تشكيل السلطة في المناطق التي يسيطر عليها، وتركيز السلطات بيده عبر معاونين يختارهم مباشرة ولا يكون مقيداً بالهياكل الرسمية التي سيطرت عليها الجماعة في العام 2014.
ومنذ ذلك الحين، تصاعد اعتماد الجماعة على هيئة الزكاة لتصبح ذراعاً طويلة بيد الحوثي، وبمثابة هيئة إسناد لوجستية عالية القيمة للجماعة، تتخذ من الفقراء وبعض المشاريع الخيرية غطاءً لغسيل أموال الزكاة لصالح المجهود الحربي العسكري وإنفاق موارد الزكاة في مصارف تخضع لتفسيرات مذهبية من قبل زعيم الجماعة مما يتيح له وللهاشميين (آل البيت) الاستئثار بنصيب أكبر من أموال الزكاة.
منذ إنشائها، فرضت الجماعة ضوابط صارمة لتحصيل الزكاة وتوعدت كل من يتخلف عن تسليم الحصة التي تطلبها الجماعة بإغلاق شركاتهم ومنشآتهم، بل وفرضت عليهم نظاماً محاسبياً موحداً ورقابة صارمة، وفوق ذلك أجبرت كثيراً من التجار على دفع زكاة بأثر رجعي عن الأعوام التي سبقت سيطرة الجماعة على صنعاء باعتبار أنه كان هناك قصور، كما تحظى الهيئة بإسناد أمني قمعي لترهيب كل من يحاول الاعتراض أو تخفيف الأرقام الجائرة التي تفرضها الجماعة بمبرر الزكاة.
وتغطي هيئة الزكاة حاليا كثيراً من نفقات الحوثيين العسكرية، تحت بند "مصرف سبيل الله"، كما تموّل تحركات قادة الجماعة ومخصصات مقاتليها وأسرهم وتتكفل بعلاج جرحى جبهات القتال بالإضافة إلى عشرات المليارات تحوّل مباشرة إلى أمين صندوق مكتب قائد الثورة ليتصرف بها عبدالملك الحوثي كهبات ومكافآت وعطايا بحسب ما يراه، باعتبار أن له سهم "الرسول" من الخُمُس، وعلى يديه يمر مصرف "سبيل الله" باعتباره القائد العسكري الأعلى.
ويتضح من خلال استقصاء الأرقام للإيرادات خلال العام الماضي، وبمقارنتها بالنفقات والأنشطة المعلنة، فإن هيئة الزكاة تنفق ما نسبته أقل من 30% على الفقراء والمناسبات الجماعية التي تروج لها بشكل كبير جدا في الإعلام، فيما تذهب النسبة الأكبر نحو 60% كدعم لوجستي للمجهود العسكري للجماعة، ولقادتها وللهاشميين ولمكتب السيد. والجزء المتبقي تنفقه الهيئة كنفقات تشغيلية.
وخلال العام الماضي 2023، فإن إيرادات الزكاة في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت خلال العام الماضي ما يزيد عن 150 مليار ريال، وهو رقم يزداد كل عام بمقدار لا يقل عن ٣٠% خلال الأربع السنوات الأخيرة، وكلها اموال تذهب لتمويل انشطة الجماعة التي تخدم مخطط ايران في اليمن والمنطقة.
ومن خلال تلك الهيئة، فرضت الجماعة زكاة على كل شيء، من ملاحقة وإحصاء الماعز في الأرياف إلى بيع وشراء العقارات إلى غيرها، وفي العقارات يعد إقرار الزكاة على البيع والشراء الشخصي سابقة، وباتت تُخصم نسبة الزكاة رأساً من القيمة، ومنعت الجماعة الأمناء الشرعيين من تحرير أي وثيقة بيع أو شراء إلا بحصول مسبق على سند تحصيل الزكاة، وهو قرار أثار استياءً كبيرًا، سواء على المستوى الشعبي أو حتى من قيادات الجماعة.
وفي عام 2020 أقرت الجماعة "اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة" ومن بينها الخُمس الذي يخصص للهاشميين من آل البيت، وقدره 20% مما يسمى الرّكاة في الثروات المستخرجة من باطن الأرض مثل النفط والغاز والذهب والفضة والماء والملح والنيس، وكل ما له قيمة من المعادن أو غيرها. وكذلك من كل ما يستخرج من البحر من الأسماك واللؤلؤ وغيرها وكذلك من العسل والأشجار..
ويأتي إقرار الحوثيين للخمس ترسيخا للاعتقاد بالامتياز الطبقي وفرزًا للمجتمع على أسس عرقية، وإلغاءً للمواطنة المتساوية، وهو قرار يوافق النموذج الإيراني الذي تسعى الجماعة الحوثية لتطبيقه على اليمنيين في مناطق سيطرتها.
المنظومة العدلية
تشكل هذه المنظومة التي أنشأتها الجماعة بديلًا لمؤسسات القضاء اليمني المختلفة، حيث تم تعيين القيادي محمد علي الحوثي على رأسها، وذلك لتنفيذ وتمرير العديد من الإجراءات الخاصة بمصادرة أراضي وممتلكات الأوقاف والمواطنين بحجة انها أملاك لآل البيت والإمام علي.
فقد أصدرت المنظومة أمرًا بوقف أعمال بيع وشراء العقارات في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي وفقًا لسجلات جديدة تم اعدادها عبر تلك المنظومة، حيث تم ربط كافة التعاملات بهذا الخصوص وجعلها تحت نظر الجماعة.
لقد هدفت الجماعة من خلال تشكيل تلك المنظومة إلى التفرد بالقرار فيما يتعلق بالعقارات التي تعد اهم مفاصل المعاملات في اطار الدولة، وإحكام السيطرة الكلية على مفاصل الدولة، كما أنهم يريدون التفلّت والانحلال من الضوابط القانونية وتطبيقها".
لقد مارست الجماعة خلال السنوات الأخيرة وعبر تلك المنظومة العديد من الانتهاكات بحق اليمنيين، وقامت بمصادرة أراضيهم وممتلكاتهم المتعلقة بالأوقاف في "صنعاء والمحويت وعمران والجوف واب وتعز والحديدة"، دون الرجوع إلى القضاء الذي تم مصادرة أعماله عبر تلك المنظومة، حيث تم السيطرة على السلطة القضائية، والذي يُعد كارثة كُبرى، كونها تقضي على استقلالية القضاء.
لقد عمد الحوثيون عبر تلك المنظومة إلى تغيير جميع الأمناء الشرعيين في مناطقهم، وعيَّنوا آخرين من الجماعة، كما عمدوا إلى تصفية كوادر السلطة القضائية واستبدالهم بأشخاص تابعين لهم من أجل تمرير رغباتهم في أمور القضاء، من أجل السيطرة على ممتلكات وأراضي الناس.
الحارس القضائي
ومن خلال الحارس القضائي الحوثي المرتبط بالمنظومة العدلية ، نفّذت مليشيات الحوثية العديد من الإجراءات ضد اليمنيين، وقامت بمصادرات أراضٍ وممتلكات ومنازل وعقارات وشركات تحت مسمى "أوامر الحارس القضائي" الذي يحرس مصالح الجماعة اثناء تنفيذها المخطط الإيراني في اليمن والمنطقة.
ومن مصادرة المنازل والفلل والتي كان آخرها فيلا نصر طه مصطفى، ونصر السلامي في صنعاء وعرضهما للبيع، ومصادرة منازل وأراضي ومزارع ابناء منطقة الاجعوم في حزم العدين في إب، وصولًا الى مصادرة شركتيّ الأدوية في صنعاء، وقبلها شركة برودجي سيمينز لصاحبها الحرازي.
كما عمدت المليشيات الحوثية إلى مصادرة وحجز ممتلكات معارضيها في المناطق التي تسيطر عليها سواء أولئك الذين غادروا إلى خارج اليمن، أو الموجودين في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
عمليات السطو على الشركات والمؤسسات، وصولاً إلى المنازل، ومختلف الممتلكات الأخرى، أنتجت للحوثيين إمبراطورية مالية ضخمة خلال سنوات، أسهمت في تمويل حربهم المستمرة منذ نحو 9 سنوات. وعلى الرغم من اعتبار خطوات الحوثيين هذه غير قانونية، فإن أحداً لم يستطع تحدي قرارات الجماعة والتصدي لها.
ومنذ أكثر من أربع سنوات، عملت الجماعة على وضع يدها على الأموال الخاصة لمعارضيها، بالإضافة إلى جميع الاستثمارات، باعتبارها أحد أهم الروافد الاقتصادية لتمويل الحرب وجبهات القتال. أما المؤسسات التي لا تستطيع السيطرة عليها، فتفرض عليها جبايات مالية كبيرة.
ومطلع العام الحالي، بدأت الجماعة حملة جديدة لمصادرة أملاك خاصة لشخصيات سياسية وعسكرية في صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى. ووسع الحوثيون عملية المصادرة لتشمل أملاكاً في القرى ومحافظات أخرى، من دون أن يخفوا ذلك، إذ تتداولت وسائل الإعلام الحوثية أخباراً لحجز ومصادرة الممتلكات.
أن "مسمى الحارس القضائي هو مجرد غطاء للجنة الحوثيين لمصادرة الأموال، ولا علاقة له بمفهوم الحراسة القضائية القانونية، وكان يعمل في المهمتين شخص واحد حتى قبل فترة قصيرة تم تغييره".