Image

وسط مناورات الطرق الترابية والتصعيد البحري للحوثيين .. محاولة أممية مدعومة خليجيًا لإحياء التهدئة في اليمن

تواجه الجهود الأممية والدولية والإقليمية بشأن إعادة التهدئة، والعودة نحو إحياء عملية السلام من بوابة خريطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبيرغ في سبتمبر 2023، تواجه الكثير من التحديات والعقبات التي تسببت بها مليشيات الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران" من خلال تصعيدها تجاه الملاحة الدولية في المنطقة، ومواصلتها المتاجرة بمعاناة اليمنيين من خلال اللعب بمشاعرهم عبر إطلاقها مبادرات فتح طرق ترابية في مأرب وتعز.


وشهدت الفترة القليلة الماضية، العديد من التطورات على الساحة اليمنية، أبرزها تصاعد الحرب الاقتصادية فيما يسمى بحرب البنوك بين عدن وصنعاء، وإعلان الحوثيين توسع عملياتهم الإرهابية تجاه الملاحة بالشراكة مع ذراع إيران في العراق، ودخول الجماعة في حالة هستيريا وتخبط على وقع إجراءات بنك عدن، فاتجهت نحو إعلان مبادرات فتح طرق فرعية في مارب وتعز، وبدأت باستفزاز السعودية بتصريحات وهتافات، لكنها دخلت في عزلة دولية، أكدتها تصريحات المسؤولين الأمريكيين التي أكدت بأن التوقيع على سلام في اليمن حاليًا "غاية في الصعوبة".

المحطة العمانية – الأممية 
وصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جرودنبرغ، إلى  العاصمة العمانية مسقط ضمن جولة جديدة له في المنطقة لمحاولة إحياء التهدئة وجهود السلام في اليمن، رغم التحديدات والصعوبات التي تواجهها هذه المرة.
وأفادت الخارجية العمانية بأن لقاء جمع جرودنبرغ ووكيل  الوزارة "خليفة الحارثي"، تناول الجهود المبذولة للدفع بعملية السلام في اليمن.
وتأتي زيارة جرودنبرغ إلى مسقط بعد يوم واحد من تصريح وزير الخارجية العماني  بدر البوسعيدي، بأن مجلس التعاون الخليجي أكد في اجتماعه الوزاري الأخير بالدوحة مع وزير الخارجية اليمني، على تكثيف الحوار وصولًا إلى تسوية شاملة في اليمن، معتبرًا التسوية السياسية بأنها ستمهد الطريق  لإعادة البناء وتحقيق النماء والازدهار لليمن الشقيق.
وتأتي التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي، وسط تطورات عاصفة تشهدها البلاد، على وقع قرارات البنك المركزي في عدن، ومطالب الحكومة اليمنية من شركات الاتصالات ومكاتب طيران اليمنية تحويل عملياتها إلى عدن، ما يفقد الحوثيين أحد أهم مراكز القوة لديها والمتمثل بالكتلة المالية التي كانت تشكلها تلك الشركات، وخاصة الحوالات الخارجية التي تم إيقافها من عدن.

مغامرات الحوثيين المتهورة 
كما تأتي تلك التحركات مع استمرار مليشيات الحوثي "وكلاء إيران" في تصعيدها تجاه سفن التجارة والملاحة في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وإعلان الجماعة الشراكة مع وكلاء إيران في العراق لشن هجمات إرهابية ضد الملاحة في المنطقة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لفرض عزلة على الحوثيين.
واشنطن لم تكتفِ بفرض عزلة دولية على الجماعة وشن ضربات محدودة على مواقعها التي تستخدمها في استهداف الملاحة، بل وذهبت إلى إعلان عدم إمكانية التوصل الى سلام في اليمن وفقًا لخريطة الطريق الأممية، في ظل استمرار تلك الهجمات الإرهابية، والتصعيد ضد اليمنيين في الداخل.
مغامرات الحوثيين المتهورة حسب وصف البيانات العسكرية الأمريكية، ستدفع المجتمع الدولي والإقليمي للبحث عن خيارات أخرى لتأمين الملاحة في المنطقة، بذريعة مساندة غزة بفلسطين فيما حقيقتها تأتي تنفيذًا لمخططات ايرانية في المنطقة.

تخبط حوثي من الطرق إلى الشعارات 
ما تعرضت له الجماعة من ضربات موجعة من قبل الشرعية المدعومة دوليًا عبر قرارات البنك بنقل البنوك ومعاقبتها بإلغاء التعامل معها خاصة فيما يتعلق بالحوالات المالية الخارجية، وإلغاء العملة القديمة، والتي تلتها مطالبة شركات الاتصالات بنقل مقراتها إلى عدن، وكذا تحويل المراكز المالية لشركة طيران اليمنية الى العاصمة المؤقتة.
كل ذلك فرض حصارًا دوليًا عليها، جعل مليشيات الحوثي تفقد توازنها وتبدأ في محاولات متخبطة لكسب تأييد الشارع اليمني الذي بدأ مؤخرًا أكثر رفضًا للجماعة، من خلال إطلاق مبادرات فتح طرق ترابية فرعية في مأرب وتعز، دون فتح الطرق الرئيسية في عملية وُصفت بالمراوغة وذر الرماد في عيون اليمنيين الذين يعانون الأمرّين جراء استمرار إغلاق الطرق الرئيسية من قبل الجماعة خاصة في تعز والتي دخلت عامها العاشر على التوالي.
كما بدأت الجماعة بالتغني أن لديها القدرات الكافية لمواجهة تلك التحديات، وأنها تمتلك خيارات قوة في استهداف الأعداء كالسعودية والإمارات، وصولًا إلى إعلانها السعي لاستهداف وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" في واشنطن، ما يؤكد بأن الجماعة تعيش حالة نفسية وهستيرية غاية في التدهور.
ولقد شهد اليمنيون والعالم، ذلك جليًا من خلال الهتافات وترديد الشعارات الطائفية والسياسية من قبل وفدها إلى الحج، ومن داخل المسجد الحرام، والتي أكدت جميع الشواهد بأنها جاءت بأوامر إيرانية وتنفيذًا لرؤية وتوجه الخمينية في المنطقة، والتي عجزت إيران عن نقلها إلى المناطق المقدسة في مكة والمدينة بالمملكة العربية، وتكفلت بها جماعة الحوثي الإرهابية التي لا تؤمن بمبادئ ولا مواثيق وعهود وتعيش على سفك الدماء وإشعال الحروب وتذكية الخلافات والنزاعات.

جولات أممية فاشلة
وعلى وقع تلك التحركات الأممية، يتوقع العديد من المراقبين بأن تكون نتائج جولة المبعوث الأممي الجديدة في المنطقة، كالتي سبقتها، فالسلام الحقيقي في اليمن لا يزال بعيدًا، وتلك التحركات لن تحقق تقدمًا يتخطى الوضع الراهن.
ووفقًا للمراقبين، فالأوضاع الراهنة على الأرض سواء في الداخل اليمني أو المحيط الإقليمي توحي بأن لقاءات وتحركات المبعوث الأممي لليمن هانس برونبرغ هي تحصيل حاصل ومحاولة من المبعوث الأممي، لاستغلال التوجه الخليجي الذي يريد الخلاص من الحالة اليمنية بالوصول إلى أي اتفاق يحفظ لها الأمن ويضمن لها عدم تدخل إيران في مناطقهم.
كما توقع المراقبون، أن يطالب الحوثيين هذه المرة وسوف يصرون عليها من المبعوث الأممي والوسطاء العمانيين، إلغاء الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تجاه البنوك والشركات في مناطقهم، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقًا، وهو ما سيرفضه الجانب الآخر خاصة وأنه حقق مكاسب كبيرة لأول مرة من وراء تلك الإجراءات.

ويعتقد الجميع بأن الحالة اليمنية ستبقى معلقة ولن تفضي إلا إلى هدن جديدة، بل سيتم إفشال الهدنة الهشة القائمة منذ ابريل 2022، ويتوقع أن تذهب الجماعة في حالة رفض الطرف الآخر، التراجع عن تلك الإجراءات، نحو إعلان الحرب الشاملة داخليًا وخارجيًا، كهروب من واقعها الذي يضيق عليها سواء من قبل الشارع في مناطقها، أو في إطار الخلافات المتنامية داخل صفوف الجماعة.
أخيرًا.. ما هو مؤكد بأن عملية السلام في اليمن دخلت حالة من الجمود والموت السريري، وتوقف التقدم الذي كان قد تحقق في مفاوضات السلام خلال الأشهر السابقة، وتراجع الزخم الدبلوماسي، ولم ولن يتمكن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، من تحقيق أي اختراق باتجاه معاودة التفاوض وتوقيع خارطة الطريق المعلنة.
ومن الوارد أن تتدخل السعودية مسنودة بدول الخليج، في هذا الخصوص، رغم أن الولايات المتحدة أبلغتها بأنه لا يمكن الوصول إلى اتفاق حول خريطة الطريق المعلنة في اليمن حاليًا، إلا أن التحركات الخليجية الأخيرة تشير إلى أن المملكة تواصل مساعيها نحو الوصول إلى اتفاق مع الحوثيين على حساب الشرعية، فقط لضمان تأمين مصالحها وحدودها الجنوبية.
ولتحقيق ذلك ولعودة عملية السلام واستئناف المفاوضات المتوقفة، يتطلب تغيرات في الظروف التي دفعت عملية السلام إلى حالة الجمود الراهنة، وانحسرت الأعمال العدائية الإقليمية، وعلى رأسها بطبيعة الحال الحرب في غزة والهجمات الحوثية على الملاحة. وقد تستأنف مفاوضات السلام من حيث توقفت وتبني على التفاهمات التي سبق التوصل إليها بين السعوديين والحوثيين.