Image

النصيحة الاستثمارية السائدة بأسواق الأسهم: لا داعي للإفراط في التفكير

الاعتقاد بأن أسواق الأسهم تميل إلى الارتفاع يتعارض مع احتمالية بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول

في عالم الأسواق المالية، غالباً ما تُستخدم المصطلحات المعقدة لإظهار الذكاء، ولكن أثناء تناول الطعام في حدث أقيم مؤخراً، اعترف اثنان من مديري الصناديق المحترفين بأن فلسفتهما الاستثمارية الحالية بسيطة للغاية: السوق يريد الصعود، فلا داعي للتعقيد.

ليس هذا تحليلاً دقيقاً للغاية، لكنها رؤية عالمية منتشرة في الآونة الأخيرة، لدرجة أن بنك غولدمان ساكس قال منذ أيام إن مؤشر شهية المخاطرة، وهو مقياس للحماس للمخاطرة عبر مجموعة واسعة من فئات الأصول، كان قريباً من أعلى مستوياته منذ عام 2021، ويتجه نحو أعلى المستويات منذ عام 1991.

هذا المزاج المتفائل يجعل خبراء السوق متوترين، حيث إنه ينطوي على قدر واضح من التراخي، ويجعل السوق أكثر عرضة للصدمات الناجمة عن النمو أو أسعار الفائدة، أو أي من العوامل الأخرى التي تؤثر على أسعار الأصول. وقال محللو البنك: «يمكن أن يشكل هذا حداً لسرعة الأصول عالية المخاطر في الصيف». وبالفعل لم يكونوا مخطئين، فبعد ساعات من نشر التقرير، تراجعت الأسهم بقوة.

وحتى بريق مجموعة أخرى من النتائج الرائعة من شركة إنفيديا العملاقة للرقائق، لم يكن كافياً لامتصاص تأثير دفعة جديدة من البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية، والتي أدت إلى تراجع التوقعات بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى. وهكذا، يبقى الاقتصاد الأمريكي المحموم هو السحابة الأولى التي تخيم على الأسواق في الوقت الحالي.

ومن الواضح أن المستثمرين باتوا متأقلمين مع فكرة أن أسعار الفائدة قد لا تنخفض في الولايات المتحدة هذا العام، مع أن ذلك يعد تحولاً عما كان يُنظر إليه على أنه يقين مثبت بتخفيضات متعددة في بداية هذا العام. لكن المستثمرين ليسوا بعد مستعدين لفكرة رفع أسعار الفائدة، رغم أننا نقترب بشكل غير مريح من النقطة التي يصبح فيها ذلك احتمالاً خطيراً، وإن كنا لم نصل إلى هناك بعد.

وهكذا، ورغم كل هذا التذبذب، يبدو أن أصابع مديري الصناديق تبقى تحوم فوق زر «الشراء». وعلى سبيل المثال، في منتصف مايو، تطلب الأمر تراجعاً طفيفاً في التضخم الأمريكي لدفع الأسهم إلى ارتفاعات قياسية جديدة.

وقد انخفض مؤشر أسعار المستهلك إلى 3.4% في أبريل، مقارنة مع 3.5% في مارس. ومع أن هذه ليست عودة مقنعة إلى سياسة خفض التضخم التي يحبها مديرو الصناديق كثيراً، إلا أن التباطؤ الطفيف كان كافياً لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 لدفع الأسهم الأمريكية الكبرى إلى منطقة جديدة.

كما لا تزال أسواق سندات الشركات تحظى بطلب كبير، مما يجعل الفجوة في العائدات بين سندات الشركات والسندات الحكومية أضيق كثيراً. وقد تكون الفجوة، أو الفارق، ضئيلاً، لكن العائد الإجمالي، الذي يزيد على 5% في الولايات المتحدة لمدة تتراوح بين 7 و 10 سنوات، لا يزال أكثر من كاف؛ للحفاظ على اهتمام المستثمرين المتخصصين والمبتدئين في مجال الائتمان.

في المقابل، إذا كنت تريد تجنب النظر إلى الجانب المشرق من الحياة، فيمكنك ذلك بالتأكيد. وينتقد ألبرت إدواردز، رئيس بنك سوسيتيه جنرال، الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بحجة أنه «يزرع بذور كارثة أخرى للسياسات». وقال: «برأيي، يعد تشديد السياسة النقدية لفترة أطول أمر جنوني؛ لأنه يدفع الآن التضخم في السلع إلى انكماش عميق بغرض موازنة التضخم المرتفع للخدمات. ويرتقي ذلك لخطأ السياسة الكارثية للمجلس المتمثل في الحفاظ على السياسة النقدية شديدة التيسير لمدة 25 عاماً قبل الوباء».

لا يمكن، بطبيعة الحال، إرضاء بعض الناس. وبالتأكيد، أولئك الذين يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي غير كفؤ، وأن الولايات المتحدة تتجه نحو أزمة مالية، وحتى أولئك الذين يعتقدون أن الدولار على وشك أن يفقد مكانته كعملة احتياط عالمية، قد يكونون على حق هذه المرة. وربما يخبرنا سعر الذهب المرتفع حقاً بشيء ما.

لكن بحكم التعريف، لا شيء من هذه المخاطر المحتملة وشيك أو محتمل، حتى مايكل ويلسون من بنك مورغان ستانلي، وهو واحد من أكثر من يؤكد صراحة على الانخفاض في وول ستريت، رفع هدفه لمدة 12 شهراً لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى 5400 نقطة من 4500.

وقد يرى المتشائمون أن ذلك يعد مؤشراً معاكساً، بالنظر إلى المدة التي تمسك بها ويلسون بموقفه المؤكد على الهبوط، لكن آخرين ممن كانوا أكثر إيجابية في السوق لبعض الوقت، قاموا أيضاً برفع توقعاتهم. كذلك، رفع مكتب الاستثمار الرئيسي في بنك يو بي إس هدفه لنهاية عام 2024 لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى 5500 بدلاً من 5200.

ويتوقع أيضاً أن يصل المؤشر إلى 5600 بحلول منتصف العام المقبل، وقد أثبتت الصدمات الجيوسياسية التي يمكن أن تقوض الأسواق الخطرة، أنها غير قادرة على إزالة بريق الأسهم. إذاً، ما الذي لا يعجبك؟

لا يستطيع مات كينج، الذي كان يعمل في بنك سيتي سابقاً ويدير الآن شركة ساتوري إنسايتس، مقاومة الحث على القليل من الحذر. وقال في مذكرة حديثة: «تكمن مشكلة الأسواق المدفوعة بالزخم في أن الزخم والخوف من ضياع الفرص هما غالباً ما يكونان المحركين الوحيدين ولا شيء غيرهما». قد يكون ذلك كافياً لتجاوز جميع الاعتبارات الأخرى، وإلحاق الألم بأي شخص يجرؤ على تجربة البيع على المكشوف القائم على القيمة أو الأساسيات، ولكنه مع ذلك يخلق هشاشة كامنة.

ربما يكون هذا صحيحاً. ولكن كما جادل رفاقي أثناء تناول الطعام، فإن السوق يريد الارتفاع، لكن التوتر بين هذه الغريزة الأساسية والملحة، وشبح ارتفاع أسعار الفائدة، هو ما سيحدد كيفية تصرف الأسواق لبقية هذا العام.