أغداً القاك الهادي آدم

08:47 2024/05/26

في 25 مايو 2024، و هو يوم ميلادي أيضاً ،حضرت ندوة مميزة عن الأديب والشاعر الهادي آدم، والتي نظمها الأستاذ أسامة الطيب. كان الهدف من هذه الندوة استعراض حياة هذا الأديب البارز وإبراز إسهاماته الأدبية والثقافية، وخاصة تعلقه الوثيق بالمطربة العظيمة أم كلثوم وأغنيتها الخالدة "أغدا ألقاك".
الحياة والمسيرة الأدبية للهادي آدم:
الهادي آدم هو أحد أبرز الأدباء والشعراء العرب في القرن العشرين. ولد في السودان عام 1920 وتلقى تعليمه الأكاديمي هناك قبل أن ينتقل إلى مصر ليكمل دراساته العليا. تميز الهادي آدم بموهبته الأدبية الفذة، حيث أبدع في الشعر والقصة القصيرة والمقالة النقدية. اشتهر بقصائده الرومانسية التي تغنى فيها بالجمال والحب والطبيعة.
علاقة الهادي آدم بأم كلثوم:
كان للهادي آدم ارتباط وثيق بالمطربة الكبيرة أم كلثوم. عن طريق المشاركة بقصيدته أغداً القاك التي لحنتها أم كلثوم وغنتها بصوتها العذب. وتعتبر  "أغدا ألقاك" هي من أبرز أعمال أم كلثوم الخالدة ،ولكنها وضعت بعض التغيرات بها . في هذه الندوة، تم استعراض الخلفية التاريخية لهذه الأغنية وكيف أبدع الهادي آدم في نسجها بألفاظه الشعرية الجميلة.

التواصل والترابط بين السودانيين والمصريين في المجال الفني:
لا ينفصل الحديث عن الهادي آدم عن علاقة السودان بمصر والتواصل الوثيق بين المبدعين في البلدين. فكما كان الهادي آدم سودانيًا ارتبط بالمصرية الكبيرة أم كلثوم، نجد هذا التلاحم والتفاعل بين الثقافتين السودانية والمصرية في المجال الفني على مر العصور.
فمصر كانت وما زالت ملتقى للمبدعين والفنانين من مختلف أنحاء العالم العربي، بما فيهم السودانيون الذين وجدوا في مصر بيئة خصبة لتنمية مواهبهم وتطوير إبداعاتهم. وبالمقابل، أثرى السودانيون المشهد الفني المصري بما قدموه من إسهامات متميزة في الأدب والموسيقى والغناء.
هذا التواصل والتلاحم بين البلدين ليس وليد اليوم، بل له جذور تاريخية عميقة. فالسودان وبالرغم من خصوصيته الثقافية، يظل جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الحضارية المصرية والعربية الأوسع. وهو ما ينعكس جليًا في إبداعات أمثال الهادي آدم الذين نذوب جميعًا سويًا في بوتقة الفن والإبداع العربي.
نقطة مهمة لفتها الندوة حول علاقة الهادي آدم بأم كلثوم وتأثيرها على انتشار أعماله. على الرغم من أن الهادي آدم نفسه لم يكن يعتبر "أغدا ألقاك" من أفضل ما كتب، إلا أن هذه القصيدة شكلت نقطة تحول في مساره الفني والثقافي.
فبتعاون الهادي آدم مع أم كلثوم في هذه القصيدة، تمكن من الوصول إلى جمهور عربي واسع، متخطيًا حدود السودان. وكما ذكرت الندوة، فإن هذا التعاون فتح الباب أمام قراءة وتقدير أعماله الأخرى من قبل متذوقي الفن والأدب في مختلف أنحاء الوطن العربي.
في المقابل، هناك العديد من المبدعين السودانيين الآخرين الذين لم ينل إبداعهم الانتشار نفسه، ربما لعدم وجود هذا النوع من الربط والتعاون مع فنانين مشهورين على مستوى عربي مثل أم كلثوم. فقد كانت هذه التجربة مفصلية بالنسبة للهادي آدم، مما يؤكد على أهمية التواصل والتفاعل بين المبدعين في مختلف الأقطار العربية.
وبالتالي، فإن هذه القراءة لتجربة الهادي آدم تُظهر كيف أن الفنان قد يحتاج إلى منصات وروابط مؤثرة لينقل إبداعه إلى جمهور أوسع، حتى وإن لم تكن تلك الأعمال هي الأبرز في إنتاجه الفني. وهو درس هام للمبدعين العرب في شتى المجالات.
الخاتمة:
إن مشاركتي في هذه الندوة حول الأديب الهادي آدم كانت تجربة مثرية ومؤثرة. فقد تعرفت على جوانب مهمة من حياة هذا الأديب البارز وعلاقته الوثيقة بالفنانة الكبيرة أم كلثوم. كما أدركت مدى الترابط والتواصل بين الثقافتين السودانية والمصرية في المجال الفني. فنحن في النهاية أبناء حضارة واحدة، نرتبط ببعضنا البعض بروابط لا تنفصم.
خرجت من هذه الندوة الممتعة والمفيدة بإحساس عميق بأهمية الهادي آدم ودوره في إثراء المشهد الأدبي العربي ،وأن الربط بين الأدب والفن هو ما جعل من إبداعات الهادي آدم وأم كلثوم تتجاوز الحدود الزمنية لتبقى خالدة في وجدان الأجيال و أنا منهم .