Image

على وقع ارتفاع الأسعار وانهيار الريال .. صيحات تصدح في عدن : "نحن نموت جوعًا .. رحم الله عفاش"

يعيش المواطنون في المناطق المحررة خاصة، واليمن عامة، حالة من الفاقة والعوز وتفاقم الازمات الاقتصادية والمعيشية عليهم، جراء انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، واستمرار هجمات مليشيات الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران" على الملاحة، وقبلها استهداف المنشآت النفطية.
وزاد من تفاقم الازمات المعيشية على سكان المناطق المحررة غياب دور الحكومة والجهات الرسمية في معاجلة الأوضاع الاقتصادية التي تستمر بالتدهور وتزيد من حدتها انهيار العملة "الريال" امام العملات الأجنبية، والتي تنعكس على المواطنين بشكل كبير فيما يتعلق بأسعار السلع والبضائع الاستهلاكية.

تدهور موائد الطعام
ومع تسجيل تدهور جديد للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية في المناطق المحررة، تفقد موائد الطعام للأسر اليمنية العديد من الأطباق والأصناف الغذائية، والتي باتت تقتصر في ظل الانهيار الاخير للعملة على طبق واحد في اغلب الأحيان، خاصة فيما يتعلق بوجبة الغداء التي تعد عند كثير من الأسر اليمنية الوجبة الرئيسية للأسرة.
ومع تجاوز سعر الدولار الواحد 1732 ريالا، سجلت أسعار السلع الاستهلاكية اليومية في المناطق المحررة على راسها العاصمة المؤقتة عدن ارتفاع جنونيًا لم يسبق لها مثيل، ما جعل المواطنين يتخوفون من فقدان القدرة على توفير لقمة العيش وما تبقى من اصناف الطعام في موائدهم.
ويزيد من تلك التخوفات في اوساط المواطنين، غياب أي حلول ومعالجات من الجهات الرسمية، بل تزيد الانباء المتداولة عن وجود خلافات سياسية بين الاطراف الحكومية من تلك التخوفات، إلى جانب استمرار حالة الفساد المستشري في اطار مؤسسات الدولة، والذي بات مكشوفا ومعلوما لدى جميع السكان.

حروب اقتصادية
يأتي ذلك في ظل استمرار الحروب والاقتصادية بين صنعاء وعدن، التي تفاقمها مليشيات الحوثي وبشكل متعمد لتزيد من معاناة اليمنيين ليس فقط بالمناطق المحررة بل و في مناطقها، حيث لا تعير تلك الجماعة أي قيمة لمعاناة المواطنين بل تسعى بشتى الطرق لتفاقمها.
ومن أبرز الممارسات الحوثية التي تزيد من حدة انهيار الوضع المعيشي لليمنيين، رفضها تداول العملة الجديدة في مناطقها، وما تخلفه من تداعيات كبرى على السكان الموزعين بين الجانبين ويضطرون ارسال حوالات مالية إلى أُسرهم، مقابل عمولات تجاوزت 250 بالمائة، والتي تتأثر صعودا ونزولا بانهيار العملة المحلية في المناطق المحررة.
ويؤكد العديد من المراقبين الاقتصاديين، بأن ما تمارسه مليشيات الحوثي بهذا الخصوص، وصل إلى مستوى خطير على حياة النس، وتلقي بتبعات وخيمة يتحملها الشعب الذي يكابد ظروفًا معيشية صعبة للغاية، مشيرين إلى أن جميع الاطراف المتصارعة تتحمل مسؤولية ما وصلت اليه حالة السكان من عوز وفقدان موائد طعامهم.

فقدان القدرة على الشراء 
ويؤكد عدد من تجار الجملة في عدن، بأنه ومنذ مطلع مارس الماضي، بأت الأهالي في المدينة لا يقتنون المواد الاستهلاكية الرئيسية مثل "الارز، والسكر، والدقيق ، والحليب، والسكر، والقمح" بالكميات التي كانوا يقتنونها سابقًا ولو في حدها الأدنى كالقطم، بل اقتصرت قدرتهم الشرائية على اقتناء "كيلو جرام" واحد من تلك المواد في اليوم، وفي معظم الاحيان "نصف كيلو"، وايام دون شراء بالمطلق.
واشاروا إلى ان القدرة الشرائية لمعظم الاهالي فقدت، واقتصر الأمر على الأسر التي لدى احد افراد العائلة موظف رسمي مع الحكومة ومتواجد في خارج البلاد، حيث يتقاضون مرتبات بالعملة الصعبة "الدولار او السعودي"، فهم المستفيدين من انهيار العملة المحلية "الريال"، إلى جانب القيادات من الكيانات التي تشكّلت بعد حرب تحرير عدن من مليشيات الحوثي، او الاسر التي يعمل احد ابنائها مع منظمة اجنبية في المدينة.
ويؤكدون بان معظم الاسر تعتمد على المرتبات الحكومية الهزيلة، لذا باتت في حاجة ماساة للمساعدة والتدخل العاجل من المنظمات الانسانية، حيث فقدت القدرة على توفير لقمة العيش فعلا، يؤكد ذلك حجم الديون المسجلة على تلك الاسر عند التجار واصحاب المحلات التجارية، خاصة الاسر النازحة من مناطق الحوثيين.

موجة غلاء غير مسبوقة
وتشهد المناطق المحررة والواقعة تحت سيطرة الحوثيين، موجة غلاء وارتفاع في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية، نتيجة انهيار العملة وارتفاع قيمة الحوالات المالية، واستمرار هجمات الحوثيين ضد الملاحة، والفساد المستشري وغياب الحلول والمعالجات، واستمرار الصراعات عموما.
ويؤكد العديد من الاهالي في عدن، بأن موجه غير مسبوقة في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية تشهدها اسواق المدينة، مما ينذر بكارثة اقتصادية ومجاعة سبق وأن حذرت منها منظمات دولية ومحلية.
ويتزامن ذلك مع استمرار ازمة الخدمات وعلى راسها أزمة الكهرباء الخانقة التي تعيشها عدن ومحطيها الجغرافي، مع دخول فصل الصيف وتجاوز درجات الحرارة 36 درجة مئوية.
وما يفاقم الحالة المعيشية لدى الاهالي، غياب مصادر الدخل واقتصارها على كبار الموظفين الحكوميين والعاملين في المنظمات الدولية، والمنتمين للجماعات المسلحة، فيما المواطنين البسطاء لا يجدون ما يمارسونه من اعمال لتغطية نفقات حياتهم المعيشية اسرهم اليومية.

"عيد وعوز" وانهيار للحياة 
ووفقا لعدد من السكان بأنهم لم يعد بمقدورهم التفكير بما يمكن توفيره لعائلاتهم من متطلبات العيد، فهمهم اليومي كيفية توفير وجبهات الطعام في حدها الادنى، نتيجة ارتفاع الاسعار، بدون وجود دخل مالي يتناسب مع تلك الاسعار التي تواصل الارتفاع بشكل يومي دون تحسن في مرتبات الموظفين او قيمة الريال.
ويؤكد العديد من ابناء المدينة، بأن متطلبات العيد لا ترد هذا العام على بالهم ولم يعملون لها حساب في ظل ما يعيشونه من عوز وفقدان للقدرة على توفير حياة كريمة لأسرهم، وتوقف حتى المساعدات الانسانية التي كانت تقدمها المنظمات الدولية على خلفية استمرار الصراعات ومارستها الجهات الحكومية من تلاعب وسرقة وزيف مع تلك المنظمات خلال الفترة الماضية، والتي على ضوئها اوقفت خدماتها واعمالها في العديد من المناطق.
يقول الموظف في البريد "هاني الخضر"، لـ "المنتصف" انه يتقاضى راتب بحدود 80 الف ريال شهريا، كان يكفيه إلى حدا ماء قبل عشر سنوات، اما اليوم لا يوفر له وأسرته كيس "رز" حسب قوله، مؤكدا انه لم يعد يستطيع الاستمرار في هذا الوضع في ظل استمرار ارتفاع الاسعار، والدوامة التي يدور فيها لتوفير "الخبز الحاف" وصنف واحد من الطعام بالوجبة الواحدة لاسرته.
ويتابع "الخضر" بأن مثله المئات بل الآلاف من الاسر في عدن والبلاد، يعيشون نفس الوضع، بل وادنى من ذلك، خاصة المتواجدين في الارياف، مشيرا إلى ريف منطقته في مديرية لودر بمحافظة إب هناك اسر يتم اكتشافها وهي بدون أكل لعدة ايام ومتعففة عن السؤال.
وأضاف "أولادنا جاعوا... جعنا، هبوط قيمة الريال قتلنا، وأصبحنا عاجزين عن توفير متطلبات الحياة الأساسية، وانقطاع الكهرباء قتل أعصابنا وأرواحنا".
من جانبه يصرخ " أمجد عمر" الموظف في هيئة المساحة عبر "المنتصف" :"أصبحنا نعاني ونعيش الجوع فعلا، نحن نموت نتيجة الاسعار وتردي الخدمات، وتدهور الاوضاع، لقد قتلونا وهم يعيشون برفاهية، لا احد يهمه امرنا، على عكس (الرئيس عفاش رحمة الله)، ويضيف قائلا " لقد بطرنا على عفاش فعاقبنا الله بما جنته ايدينا.. الله ينتقم ممن غرر بنا وزايد على حياتنا التي كنا نعيشها بكرامة".