Image

صفقات أسلحة وتعاون عسكري وتدريب .. واشنطن تبدأ جني ثمار مشاركتها في مسرحية البحر الأحمر مع إيران وإسرائيل

بدأت الولايات المتحدة الامريكية، جني ثمار مشاركتها في مسرحية البحر الأحمر إلى جوار ايران واسرائيل وعدد من الدول الحليفة، وذلك بعد صفقات اسلحة وتعاون دفاعي وتدريب مع دول مجلس التعاون  لدول الخليج العربي وعلى راسها المملكة العربية السعودية.
وذكرت وزارة الدفاع الامريكية "الاربعاء"، بأنها تسعى لتوسيع التعاون مع دول الخليج للتصدي لتهديدات الحوثيين المدعومين في ايران باليمن، وهي الجماعة التي تستخدمها واشنطن بالتنسيق مع طهران لابتزاز دول الخليج والمنطقة.
وأوضح البنتاجون - في بيان الأربعاء - أن اجتماعات مجموعات العمل الدفاعية بين مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة انعقدت في الرياض بهدف تعزيز التعاون ضد التهديدات الجوية والبحرية، مضيفا أن الاجتماعات تكتسب أهمية كبرى في ظل مرحلة من التحديات هي الأصعب خلال سنوات لا سيما مع التهديدات المتنامية من قبل "وكلاء إيران"، حسبما أفادت قناة "الحرة" الأمريكية.

ذريعة الحوثيين ومكاسبها
وأشار البنتاجون إلى أن الحوثيين يمتلكون أسلحة قادرة على الوصول إلى البحر المتوسط، لكن لم يتم رصد أي هجوم في تلك المنطقة بعد، مبينا أن سلوك إيران المزعزع والخطير; دفع إلى مزيد من التعاون بين شركاء واشنطن ومنح لقاءات مجموعات العمل الخليجية- الأمريكية زخما إضافيا.
الترويج لامتلاك الحوثيين اسلحة متطورة من قبل واشنطن يصب في مصلحة ايران ووكلاءها في اليمن، وهو يندرج في اطار مكاسب المشاركة في مسرحية البحر الأحمر، والتي تصب في صالح الحوثيين ومن ورائهم ايران، بان يتم الترويج للحوثيين وتقديمهم على انهم قوة ضاربة في المنطقة، إلى جانب ايهام الشارع العام اليمني والعربي بأن الجماعة بشنها هجمات ضد السفن المرتبطة باسرائيل في البحرين الاحمر والعربي وخليج عدن والمنطقة عموما يأتي في اطار "نصرة ابناء قطاع غزة" بفلسطين المحتلة.

اتفاق سعودي - أميركي قريب
إلى ذلك أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، أن الولايات المتحدة والسعودية اقتربتا "إلى حد كبير" من إنهاء الاتفاق الدفاعي والاتفاقية النووية المدنية.
وقال بلينكن في جلسة استماع أمام لجنة المخصصات المالية في مجلس النواب، إن الاتفاقيات "على بعد أسابيع". لكنه حذر من أنه لا يمكن الشروع في عملية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل على نطاق أوسع، ما لم يتحقق هدوء في غزة وما لم يُعبَّد طريق لإقامة دولة فلسطينية.
وقبل تصريحات بلينكن، تحدث مسؤولون أميركيون عن قرب التوصل إلى الاتفاقات التي تشمل ضمانات دفاعية أمريكية للسعودية وأسلحة متقدمة، بحسب ما أفاد مسؤول أمرسكي رفيع المستوى تحدث مع الصحافيين بعد زيارة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي. وقال المسؤول إن الصفقة ستتضمن كذلك اتفاقاً نووياً مدنياً بالإضافة الى احتمال بيع مقاتلات "اف-35" وأسلحة أخرى متقدمة.

مطالب سعودية وخطوات اسرائيلية
وكان بلينكن قال، الثلاثاء، في جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إن الجوانب الثنائية الأمريكية – السعودية مكتملة تقريباً، لكن تنفيذ الاتفاق الشامل يتطلب خطوات إسرائيلية. وأوضح أن "السعوديين كانوا واضحين للغاية، إذ أن ذلك (إقامة العلاقات مع إسرائيل) يتطلب الهدوء في غزة وسيتطلب مساراً موثوقًا به لإقامة دولة فلسطينية". 
وأضاف أنه "سيتعين على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت تريد المضي قدمًا واغتنام الفرصة لتحقيق شيء سعت إليه منذ تأسيسها، وهو علاقات طبيعية مع دول منطقتها".
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض بعد عودته من جولته في المنطقة، الأربعاء، إن الرئيس جو بايدن "يعتقد أن حل الدولتين الذي يضمن أمن إسرائيل وكذلك مستقبلاً كريماً آمناً للشعب الفلسطيني، هو أفضل وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار على المدى الطويل للجميع في المنطقة".
وأشار سوليفان إلى أن بايدن تحدث عن رؤية لدمج إسرائيل فعلياً في محيطها بشكل يمكن أن يحقق الاستقرار الإقليمي، "وكنت في السعودية أتحدث مع ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان) حول هذه الرؤية تحديداً في نهاية الأسبوع الماضي، وشاهدتم تصريحاته حول ما يمكن تحقيقه إذا سارت إسرائيل على هذا الطريق. هذه هي المحادثة التي سنواصل إجراءها مع الحكومة الإسرائيلية".

اتفاق "بالغ الأهمية"
ويتحدث المبعوث الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط دنيس روس عن أهمية التوصل إلى اتفاق أمريكي- سعودي. وقال في تصريحات لصحيفة الشرق الاوسط السعودية، إن اتفاقاً من هذا النوع "يتوافق مع احتياجات واهتمامات البلدين".
ويرى كبير الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ستيفن كوك أن التوصل إلى الاتفاق "في غاية الأهمية"، وأن هذا الاتفاق "سيخلق سابقة من خلال ربط رسمي لأمن الولايات المتحدة والسعودية، وهو أمر غير رسمي حتى الساعة. كما سيتفوق على (العلاقات السعودية مع) الصين ويرسل رسالة قوية للإيرانيين الذين من المرجح أن يمتحنوا الاتفاق في أول فرصة لديهم".
ووفقا للصحيفة السعودية، فأن براين كتوليس، كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، ويوافق على أهمية الاتفاق الثنائي، حيث قال "الاتفاق سيكون له تأثير يدفع بالمنطقة نحو الاستقرار. فالاتفاقات بين البلدين ستقربهما من بعضهما البعض في جوانب أساسية متعددة أمنية واقتصادية ومتعلقة بالطاقة".

خطوات إسرائيلية مطلوبة
ورغم التفاؤل باحتمال الإعلان عن اتفاق قريب، يحذر المسؤولون من تحديات متعددة تواجهها أطر أي اتفاق نهائي سيتطلب مصادقة مجلس الشيوخ بشكل رسمي عليه.

وفي هذا الإطار وجّه السيناتور الديمقراطي كريس مرفي سؤالاً مباشراً إلى وزير الخارجية الامريكية خلال جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ، قائلاً: "إن ما فهمته لجنتنا هو أن أي اتفاق سيكون ضمن إطار اتفاق يتضمن إسرائيل، وبشكل أساسي يتضمن تعهدات حقيقية لدولة فلسطينية. لسوء الحظ، يبدو حالياً أنه ليست هناك نية على الساحة السياسة الإسرائيلية للقيام بتعهدات من هذا النوع".
أمر وافق عليه بلينكن الذي لوّح بأن مصير الاتفاقات المذكورة مرتبط باتفاق التطبيع، فقال مجيباً على تساؤلات مرفي: "حتى إن توصلنا إلى الأطر النهائية للاتفاقات، وأعتقد أنه يمكننا فعل ذلك سريعاً، إلا أن الحزمة الكاملة من الاتفاقات لا يمكن أن تمضي قدماً في غياب أمور أخرى نحتاج إليها للتحرك في مسار التطبيع".
ويقول كوك عن تصريح بلينكن: "يبدو أن أمريكا والسعودية قريبتان جداً من التوصل إلى اتفاق. والولايات المتحدة تلوح بالتطبيع على أمل أن توافق إسرائيل، مما سينهي الصراع العربي - الاسرائيلي ويسّرع من المفاوضات نحو دولة فلسطينية. الإسرائيليون يريدون النقطة الأولى، لكنهم لا يستطيعون الموافقة على النقطة الثانية لأنها صعبة جداً سياسياً... المشكلة هنا هي أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ قالوا إنهم لن يوقعوا على اتفاق إلا إذا شمل إسرائيل".

ويحتاج أي اتفاق أمني إلى مصادقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، كما أن أي مبيعات أسلحة تحتاج لمراجعة من لجنتي العلاقات الخارجية في الشيوخ والنواب واللتين تتمتعان بصلاحية وقف هذه المبيعات.
ويرى روس أن "من المستحيل إنتاج اتفاق أمني يتطلب ثلثي الأصوات في مجلس الشيوخ للمصادقة عليه من دون التطبيع مع إسرائيل. قد تكون هناك التزامات أمريكية أمنية أقل من دون التطبيع، لكن السعودية تريد أن يضمن الالتزام الرسمي الردع والحصول على أسلحة أمريكية متطورة".

مكاسب ايرانية – حوثية
على الطرف الايراني – الحوثي، وعدت واشنطن بتقديم مكاسب سياسية واقتصادية للحوثيين، تتمثل بدفع السعودية لعقد صفقة سلام بينها وجماعة الحوثي المدعومين من ايران، تتضمن تقديم تنازلات سياسية وعسكرية ، واغراءات مالية للحوثيين على حساب الشعب اليمني و الحكومة اليمنية الشرعية.
ورغم نفي واشنطن ان تكون منحت السعودية ضوءًا اخضرًا بذلك، الا ان التحركات التي يجريها المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبيرغ في المنطقة هذه الايام تصب في هذا الاتجااه، فضلا عن التصريحات التي اطلقتها مليشيات الحوثي مؤخرا بقبولها التوصل الى اتفاق سلام وفقا لخارطة الطريق التي اعلنها المبعوث الاممي في سبتمبر من العام 2023.
ودعت الجماعة السعودية للإسراع بالتوقيع على تلك الخريطة، واستكمال جهودها في احلال السلام باليمن والمنطقة، وهو ما يؤكد رغبة الجانبين في تنفيذ الأوامر الامريكية بهذا الخصوص .
ومن المكاسب الحوثية التي تحصلت عليها خلال الاسابيع الماضية، السماح للسفن الايرانية الدخول إلى موانئ الحديدة بدون تفتيش من الجهات الدولية والتحالف العربي بقيادة السعودية، حيث تم دخول اكثر من 11 سفينة ايرانية دون تفتيش وهو ما يعد ضوء اخضر للجماعة بإدخال شحنات اسلحة ايرانية دون الحاجة لتهريبها عبر فرق الحرس الثوري الايراني كما كان سابقا.

تأكيدات امريكية وجولة لمبعوثها
على ذات الصعيد، أكد وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن، إن بلاده ستواصل "دعم العملية السياسية الشاملة في اليمن" باعتبارها أفضل وسيلة لتحقيق حل دائم وشامل للصراع في اليمن.
يأتي ذلك فيما يستعد المبعوث الأمريكي الى اليمن تيموثي ليندركينج لبدء جولة في المنطقة العربية الأسبوع الجاري، في سياق التحركات الرامية الى تعزيز جهود المجتمع الدولي للمساعدة في ايقاف الحرب والتوصل الى عملية سلام شامل في اليمن.
ومن المقرر أن تشمل جولة المبعوث الأمريكي للمنطقة وفق بيان وزارة الخارجية  الأمريكية كلًا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان.