المشروع الكهنوتي.. من التقية إلى الفرية
عد قيام الثورة وسقوط النظام الكهنوتي في الـ26 من سبتمبر 1962 وانتصار الجمهورية في معركة السبعين يوماً وفشل محاولات الإمامة وهزيمة مشروعها في اليمن، خلع الإماميون عباءة الكهنوت وتحت ما يسمى بـ"التقية" أصبحوا بين عشية وضحاها جمهوريين أكثر من الجمهوريين أنفسهم.
انتصرت الثورة وانهار المشروع الكهنوتي، لكن الحرب ضد الجمهورية لم تتوقف وانتقلت من الميادين إلى عمق الخندق الجمهوري وأروقة مؤسسات الدولة التي تعمد الكهنوتيين اضعافها وإفشال مشاريعها واجتهدوا في تجميل الماضي الإمامي وتشويه الحاضر الجمهوري.
لم تكن التقية التي لجأ إليها الكهنوتيين وسيلة لترجمة قناعتهم في التعايش بقدر ما كانت سلاحاً وغطاءً لحربٍ يتم شنها ضد النظام الجمهوري الذي تحولت المواقع والمناصب التي تقلدوها فيه إلى خنادق ومتاريس لاستهدافه، بل والتعامل معه كسفينة نجاة تنقذهم من الغرق وتحملهم إلى ماضيهم المظلم، الذي استبشروا بظهوره على يد الهالك حسين الحوثي وعودته من المنطقة التي بدأ منها على يد يحيى الرسي قبل 1200 عام.
المشروع الكهنوتي في ظهوره الجديد اعتمد على التقية والتغطية على مشاريعه السياسية بغطاءٍ ديني، لكن ما كان يخفيه ويروج له سراً تحت عباءة التقية سرعان ما تحول إلى خطاب علني وحربٍ تستهدف الدولة والنظام الجمهوري ويدعو للعودة باليمن واليمنيين إلى عصور الاستبداد واستبدال النظام القائم على التعددية وحكم الشعب نفسه بنفسه بنظام الفرد والحاكم بأمر الله.
الكهنوت الحوثي الذي اعتمد على التقية والغطاء الديني في التسويق لمشروعه الشيطاني لم يلبث طويلاً حتى اعتمد الفرية على الله والرسول نهجاً ووسيلة تمنحه المشروعية والحق في فرض مشاريعه وأجنداته السياسية والثقافية على الشعب اليمني وتجيز له اعتقاله في سجون الماضي والباسه طوق العبودية ومصادرة حقوقه، وما بين ما صنعته تقية الكهنوت المهزوم قبل ستين عاماً وبين ما تصنعه فرية الكهنوت الحوثي اليوم سقطت قيم الحرية والعدالة والمساواة.
وترجمة لمبدأ الفرية الذي تعتمد عليه المسيرة الشيطانية، يصعد المفترون منابر المساجد والأقنية الاعلامية ويجتهدون في توظيف الدين وتوجيهه لخدمة أهداف الحوثي ومشروعه السلالي الطائفي، لدرجة الكذب والافتراء على الله سبحانه وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفسير القرآن برؤية ومنظور سلالي وتصوير الإسلام على أنه حق أسري يتوارثونه جيلا بعد جيل.
وإذا كان من الغريب وغير المقبول أن يزعم شخص أفضليته السلالية، فإن الأغرب والأقبح أن يدعي هذا الشخص إن الله عز وجل هو من منحه الأفضلية وسيده على الناس، واختاره ليكون متحدثا باسمه وحاكما بأمره، مدعياً أن كل الجرائم التي يتم ارتكابها بحق اليمنيين والاستيلاء على مؤسسات الدولة ونهب الإيرادات وقطع المرتبات وتجويع المواطنين ومصادرة الحقوق وقتل الأبرياء يتم بتوجيهات من الله، وعن مسيرة الفرية والمفترين حدث ولا حرج.