القرابين الجدد لكاهن الكهف
طالعتنا مؤخراً السوشيال ميديا التابعة لمليشيا الفاشستية الحوثية الإيرانية بنشر مصفوفة صور مع أسماء أصحابها تحت عناوين جواسيس أمريكا وإسرائيل في تهامة.
إحدى عشر شخصًا ، مساكين ينتمون لبعض مديريات محافظة الحديدة تم اختيارهم بعناية من مليشيات الحوثي ليكونوا ـ كما يبدو ـ كقرابين وأضاحي جديدة لكاهن الكهف، وسدنته العابدين للمسيرة الإيرانية.
في 18 سبتمبر 2021 اعدمت مليشيا عصابة الحوثي تسعة مواطنين من تهامة بتهمة دس شريحة بجيب أحد مرافقي الصماد سهلت لطيران التحالف العربي ضرب سيارته وقتله.
حينها تمت محاكمة غير قانونية افتقرت لأدنى القواعد الدستورية ومعايير العدالة لتصدر في أغسطس / آب من نفس العام حكمًا بإعدام 62 متهمًا في قضية مقتل الصماد من ضمنهم التسعة الذين قامت بإعدامهم في صنعاء بعد تعذيبهم وإخفائهم قسريًا طيلة فترة اختطافهم وحتى إعدامهم، بينهم طفل قاصر، فيما توفي المتهم العاشر، داخل السجن نتيجة التعذيب الوحشي والمعاملة السيئة التي تعرض لها هو وبقية رفاقه التسعة.
كانت الرسالة التي أرادت المليشيات إيصالها من وراء تلك المحاكمات التي انتهت بإعدام التسعة مواطنين هي بث الرعب والخوف في قلوب المواطنين بصفة عامة ، ولدى ابناء تهامة بصفة خاصة هي قطع أية أفكار قد تراودهم بتنظيم أنفسهم في أُطر نضالية او شعبية او وطنية لمقاومة الحوثيين.
لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد, فلم تترك المليشيات أية طريقة لمضاعفة الإذلال على ابناء تهامة إلا نفذتها.. نهبوا كل خيرات مزارع تهامة،
فرضوا ضرائب وجبايات على كل مظاهر البيع والشراء من أصغر محل حتى اكبر تاجر، ولم يسلم حتى الصيادين من ذلك إلى حد بات الجوع يمثل المظهر الاكبر لشبح الموت.
نعم، أشباح الموت صارت تهدد حياة كل التهاميين بأكثر من صورة.
عشرات الضحايا بين قتلى او مصابين بإصابات مختلفة جراء الألغام المزروعة في مناطق شتى، ومن لم يمت بلغم قد يموت برصاص قناصة المليشيات، بل ويوجد من مات برصاص مشرفي المليشيات وبلاطجتها.
أضحى في حكم المؤكد أن هذه المليشيات الإرهابية لن ترعوي عن اقتراف ما يجب ان نتوقعه من جرائم ستواصل بها مسلسل فرض وجودها كأمر واقع لا مناص منه خاصة في سهول تهامة الحزينة.
وطبعاً إن ما لا يمكن، او ما لا تستطيع إن تمارسه في محافظات اخرى واقعة تحت سيطرتها كذمار وصنعاء وعمران وصعدة وحجة واب وتعز سوف تستطيع ان تمارسه بأريحية كاملة في محافظة الحديدة لأسباب كثيرة لا محل هنا لإيرادها لكن أهمها أنها لن تواجه اي رد فعل ضدها في تهامة، وعلى العكس تماماً سوف تجابه حال مارست جرائم في غير محافظة الحديدة، وجميعنا يعرف علة ذلك.
ابناء تهامة معروف عنهم الجنوح للسلام، والبراءة والطيبة وعدم إقتناء الاسلحة، ويعيش أغلبهم تحت خط الفقر.
لذا إختيار مواطنين من تهامة ليكونوا قرابين لكاهن الكهف لن يثير في أوساطها النكفة والحمية ليس عجزاً، وانما لأنهم غير جاهزين لذلك كأبناء ذمار وصنعاء وعمران وحجة وصعدة مثلاً.
من هذا المعطى ستظل مليشيا الحوثي تتعمد مضاعفة الإيغال في إهانة كرامة ابناء تهامة واذلالهم.
ومن هذا المعطى ايضاً تعمدت نشر القائمة الجديدة بأسماء مساكين أبرياء بتهمة العمالة لإسرائيل، وتقديمهم لأمريكا معلومات عن مواقع تواجد صواريخ الحوثيين.
جناية لا أساس لها في الواقع، لكنها في نظر هذه المليشيا كافية لإقدامها على تهجير سكان قرية الدقاونة شمال مدينة الحديدة على نحو يشبه إلى حد كبير ما تمارسه إسرائيل ضد إخواننا في فلسطين.
الغريب في الأمر أن هكذا تهمة غير مقبولة من حيث العقل والمنطق، والواقع.
والأكثر غرابة هنا أنه يعكس مستوى البلادة والسخافة والسذاجة التي عليها هذه المليشيا في انتحالها مثل هكذا تهمة مرفوضة قلباً وقالباً من كل الأوجه، ولا يمكن ان تنطوي حتى على الإنسان البسيط والأُمي.
لأن امريكا بكل امكانياتها الضخمة، وتقتياتها المتطورة كالاقمار الصناعية تستطيع ببساطة رصد الحوثيين إلى داخل غرفهم المغلقة، وكهوفهم الجبلية.
امريكا لا ولن تحتاج لمواطنين تهاميين يترصدوا مواقع صواريخ، وأسلحة الحوثيين، فحن في زمن لم تعد الدول الكبري محتاجة لخلايا تجسسية بدليل أن الطيران الامريكي ما فتأ يحلق معربدا في سماء صعدة، وحجة وتعز، صنعاء والحديدة، ويدمر كل ما يريد كالرادارات ومنصات إطلاق الصواريخ دونما أن يستطيع الحوثيون حتى جر نفس من أنفاسهم.
من هذا الاستقراء يغدو من السهولة الوصول إلى كشف ومعرفة السر الذي دفع الحوثيون إلى تدشين واحدة من خطوات او مراحل التصعيد لجرائمه التي تقف خلف دوافعه في اتهام إحدى عشر مواطناً بتهمة التجسس لصالح امريكا، وإسرائيل، ويتمثل ذلك السر بممارسة التهجير لأهالي قرية الدقاونة كشكل من أشكال التصعيد في الحرب التي تخوضها ضد هذا الشعب منذ اكثر من تسع سنين عجاف بغرض إنشاء مستوطنات لأتباعها في قرية الدقاونة، وحال نجحت في ذلك فسوف توالي مسلسل عمليات التهجير لسكان قرى أخرى في كثير من مناطق تهامة.
*
اخيرا .. لا نستطيع عذر السلطة الشرعية عن فقدان الحيلة, وسيطرة العدمية على كيانها في عدم قدرتها على تحريك ملف المواجهات ضد هذه المليشيات الارهابية .
مع كل يوم يمر تزداد المليشيات الإرهابية الحوثية تطرفًا، وارهابًا ، وإجرامًا ، وفسادًا في بنية المؤسسات الحكومية التي تسيطر عليها ، وتعقيدًا لكل مجالات الحياة، وصولاً إلى إهانة وإذلال واستباحة كرامة المواطنين الذين يعتبرون في ذمة الشرعية، ومن حقوقهم ان تسارع الشرعية بكل مكوناتها إلى نجدتهم وإنقاذهم من بطش هذه المليشيا الفاشستية الإيرانية.