الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة .
منذ بداية الهجوم الاسرائيلي على غزة ونحن نشاهد الكثير من المواقف والتحركات السياسية و غير السياسية من عديد من الأطراف سواء العربية أو الإسلامية ، من تنديد وشجب ورفض وتهديد ووعيد بل وتصعيد وبعض الاعمال العسكرية والهجمات المتنوعة بالصواريخ والطائرات المسيّرة الموجهة ضد إسرائيل ، ولكن عند تقييم المحصلة النهائية لكل تلك الأفعال والمواقف والتحركات بكل أنواعها وأشكالها ، سوف نجد أنه لم يكن لها ذلك التأثير المنتظر منها ، فلم تشكل أي ضغط حقيقي على إسرائيل على أرض الواقع ، فها هي إسرائيل تسرح وتمرح وتهاجم وتدمر وتقصف بكل أريحية ، وها هي اليوم تجري استعداداتها الأخيرة لاقتحام رفح رغم التحذيرات والتهديدات التي تلقتها على كل المستويات العربية والاسلامية والدولية . فالعبرة في الأعمال والتحركات والمواقف السياسية هي بنتائجها وآثارها على مسرح الأحداث ، وليس بصداها الإعلامي والدعائي ، وطالما كل ما ذكرناه سابقاً من مواقف وتحركات سياسية وحتى عسكرية لم يكن له تأثير على الهجوم الاسرائيلي على غزة فكأنك يا أبو زيد ما غزيت كما يقول المثل العربي ، فقيمة الأفعال والمواقف والتحركات تقاس بنتائجها وآثارها على الواقع ، فإذا لم يكن لها نتائج ملموسة ولم يكن لها تأثير محسوس ومشاهد ، فإنها ليست أكثر من استهلاك إعلامي ودعائي ، وليست أكثر من أصوات تصيح وتنوح وتتشنج وتهدد وتتوعد ليعود صداها على أصحابها محدثة ضجة وصخب في فراغات الهواء وذبذبات وموجات الأثير ، وعلى لسان مذيعي ومذيعات القنوات الاخبارية حول العالم ..
لذلك يقال لا تحدثني ماذا فعلت وماذا قلت ، بل حدثني ماذا كانت نتائج أفعالك ومواقفك وأقوالك على الميدان ، فالمواقف البطولية سجلها التاريخ لأصحابها لنتائجها الإيجابية والقوية التي غيرت مجرى التاريخ ومجرى الأحداث ، وكان لها بصمات مشهودة وملموسة في ميدان الحروب والمعارك. وأي أعمال أو أفعال أو تحركات أو مواقف لم يكن لها تأثير مباشر على مجريات الأحداث ، فهي ليست أكثر من رماد تذروه الرياح أو سراب يحسبه الظمآن ماءاً حتى إذا وصل إليه لم يجد شيئاً ، وهذا هو حال أهل غزة وهم يشاهدون المواقف والأفعال والتحركات والتهديدات والعنتريات على كل المستويات ، ولا يجدون لها أثر أو مردود عملي في واقعهم وحياتهم ، ولم تخفف من معاناتهم وألآمهم ولم توقف قتلهم وتدمير منازلهم وتهجيرهم وتشريدهم من مساكنهم ، فلا يعدو كونها بالنسبة لهم ليست أكثر من أوهام وخيالات وسراب واستهلاك إعلامي ، بل إن الكثير منهم وصل به الحال إلى النظر لكل تلك المواقف والتحركات بأنها ليست أكثر من متاجرة واستغلال لقضيتهم بعد أن وصل بهم اليأس والإحباط منتهاه ..
وبذلك، فإن أي أفعال أو مواقف أو تحركات من أي طرف كان لم توقف الهجوم الاسرائيلي ولم توقف نزيف الدم الفلسطيني ولم تخفف معاناة أطفال ونساء غزة ، فلا تعدو أكثر من هرطقات إعلامية وتسجيل مواقف دعائية وإعلانية ، وطالما وإسرائيل مستمرة في هجومها وقصفها وتحركاتها على أرض غزة فهذا دليل واضح وصريح بأن كل المواقف والتحركات المناهضة والمعارضة لها لم يكن لها أي تأثير أو فاعلية عليها .
وإذا كانت الأفعال والمواقف والتحركات ليس لها تأثير على الواقع فالقيام بها أو عدم القيام بها سيان ، فالمواقف أو الأفعال التي لا تنفع وجودها مثل عدمها ، وهذا هو مقياس العقل والمنطق والسياسية بعيداً عن العواطف والانفعالات والشعارات والمزايدات ، والموقف أو التحرك الحقيقي والبطولي الذي سيشهد له العالم ويسجله التاريخ ، هو الذي سوف يوقف اسرائيل عند حدها ويوقفها عن مواصلة الهجوم الوحشي على غزة ويجبرها على الخروج والانسحاب من مناطق ومدن قطاع غزة ، وما دون ذلك فهو ليس أكثر من استهلاك إعلامي ودعائي أو استغلال سياسي لأحداث غزة من أي طرف كان عربي أو إسلامي أو دولي ، نقطة آخر السطر .