التعايش السلمي والتقدم الحضاري .

12:43 2024/05/04

التعايش السلمي بين المجتمعات والحضارات البشرية كان ولا يزال وسيظل الطريق الآمن والبيئة المناسبة لتطور وتقدم وازدهار الحضارات الإنسانية في كل زمان ومكان.

ولا خلاف ولا جدال بأن السلام يعتبر من أهم عوامل التقدم والرقي الحضاري الإنساني ، من أجل ذلك أمر الله تعالى المسلمين بالدخول في كل ما من شأنه تحقيق السلام ، قال تعالى (( أدخلوا في السلم كافة )) ، بينما الحروب والصراعات كانت وما تزال وستظل من أهم العوامل التي تقوض جهود البناء والتطور ، ومن أهم العوامل التي تؤدي إلى تراجع وزوال وانهيار الحضارات البشرية ،  من أجل ذلك نهى الله تعالى المسلمين عن القيام بأي أفعال وأعمال عدوانية ضد الآخرين ،، قال تعالى (( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )) .

 لذلك ، كان وما يزال وسيظل التعايش السلمي مطلب كل شعوب العالم ، وغاية سامية يرنوا إليها غالبية بني الإنسان ، في كل زمانٍ ومكان ، ما عدا شذاذ العقول ، والأمراض نفسياً ، وأعداء الحياة ، وتجار الحروب ، وأصحاب المصالح السياسية والأطماع السلطوية ، فمصالحهم وتجارتهم تزدهر وتتطور في ظل الحروب والصراعات ، وتعاني من الكساد والبوار في ظل السلام والتعايش السلمي ، لذلك نراهم دائماً لا يترددون عن زراعة الفتن وصناعة المزيد من الحروب الصراعات بين البشر ، ولا يتوقفون عن بث روح الكراهية والحقد بين الأخوة في الإنسانية ، بل إنهم يثيرون الفتن بين الأخوة في الدين الواحد ، والوطن الواحد والمجتمع الواحد والأسرة الواحدة ..

وللآسف الشديد ، كان وما يزال صوت دعاة الحروب والفتن ، هو الصوت الأقوى والأرفع والفاعل والمسموع والمؤثر على الكثير من الناس ، بينما صوت دعاة السلام والتعايش السلمي ، كان وما يزال هو الصوت الأقل تأثيراً وحضوراً واستماعاً  . لذلك ، كان وما يزال تاريخ البشرية الطويل ، حافلاً بالكثير من الحروب والصراعات الدموية والمأساوية ، وحافلاً بالقليل من فترات السلام والتعايش السلمي ، وهو ما تسبب في انهيار الكثير من الحضارات الٱنسانية ، وتسبب في حدوث الكثير من المآسي والكوارث وجرائم الحروب ، التي دفع البشر ثمنها الباهض في كل زمان ومكان ، من دمائهم واستقرارهم وأمنهم وحياتهم وكرامتهم وإنسانيتهم . ومن يبحث في كتب التاريخ البشري ، سوف يجد بأن معظم الملوك والحكام والقادة ، من مختلف الحضارات الإنسانية كانوا دعاة حروب ، إما لإشباع نزواتهم في التوسع والسيطرة ، أو لإشباع غرورهم في إذلال الآخرين واستعبادهم ، أو لإشباع غرائزهم في جمع الأموال والثروات ، والقليل جداً منهم كانوا دعاة سلام وتعايش سلمي ..

ورغم التقدم الكبير الذي تشهده البشرية في عصرنا هذا ، ورغم تنامي دعوات السلام ، وإنشاء منظمة الأمم المتحدة ، بهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها البشرية ، بسبب الحرب العالمية الأولى والثانية ، ورغم بروز الكثير من المنظمات والمؤسسات المعنية بالسلام والتعايش السلمي ، إلا أن الصوت الأعلى ، والكلمة الأقوى ، لا تزال لدعاة الحروب وأعداء السلام والتعايش السلمي ، لذلك نراهم يشعلون الحروب والصراعات ، تحت مبررات متعددة ، تارةً تحت مسمى الحروب الدينية المقدسة ' وتارةً تحت مسمى محاربة الإرهاب ، وتارةً تحت مسمى الدفاع عن المصالح الوطنية والقومية..

وبالتالي ، فإن تحقيق السلام والتعايش السلمي بين البشر ، كان ومايزال وسيظل حلماً عظيماً وسامياً ، يراود كل الأخيار والعقلاء والحكماء من البشر في كل زمان ومكان ، وستظل الدعوة إلى السلام ، والعمل على تحقيق التعايش السلمي بين المجتمعات والشعوب والحضارات البشرية ، من أفضل وأعظم الأعمال الصالحة ، وقيمة دينية وإنسانية وحضارية عظيمة ، قال تعالى (( الصلح خير )) ، فالخير كل الخير في السلام والتصالح والتعايش السلمي بين البشر ، كما أن الدعوة إلى الحروب والصراعات والكراهية والعنف ، كانت وما تزال وستظل كابوساً مخيفاً ومرعباً ، يهدد حياة البشر حاضراً ومستقبلاً .. فالحرب هي التجسيد الواقعي والفعلي للشر ، بل إنها الشر في أبشع صورة ، باستثناء الحروب الدفاعية المشروعة كرد العدوان والدفاع عن النفس ورفع الظلم عن المظلومين.والدفاع عن الحقوق والحريات الانسانية .