السرطان الأكبر
كثر الحديث عن المبيدات الزراعية شديدة السمية وعلاقتها المباشرة بالتزايد الخطير في إجمالي حالات الإصابة بالسرطان في اليمن سنويا .
تشير أصابع الاتهام بحسب الوثائق إلى التورط الحصري لقيادات ميليشيا الحوثي بدءا من التجار والمهربين مرورا بقرارات السماح باستيراد أصناف محظورة محليا ودوليا .. وصولا إلى أوامر الإفراج الليلية عن شحنات مضبوطة غير مطابقة أو تخضع للفحص !.
جاء في مذكرة جمركية تعود إلى نوفمبر الماضي أن أحد القيادات الأمنية للميليشيا طلب من موظف الجمارك إخراج قاطرة محملة بمبيدات بصورة سرية فرفض لعدم وجود تصريح .
كان رد القيادي في الميليشيا : " سنخرجها بالقوة هذه توجيهات عليا من رئيس الجمهورية ".
يفيد محضر الإثبات الذي تم تداوله " أنهم أخرجوا القاطرة دون تسديد الرسوم ورغم أن مدير الجمرك أبلغهم أن " يتمهلوا كون الشحنة سامة وضارة بالمجتمع ولا تستخدم إلا عبر مهندسين زراعيين متخصصين يشترط موافقتهم ".
على ذكر من يسمونه صاحب التوجيهات العليا فإنه هو الآخر مشترك في جرائم أكثر انتشارا وخطورة من السرطان .
في أكتوبر الماضي وجه المشاط باقالة وكيل وزارة الزراعة المدعو ضيف الله شملان على خلفية فساد مالي وإداري من بينها فرض إتاوات على التجار ثم بعد اسبوعين أصدر المشاط قرارا بتعيين نفس الشخص الفاسد في نفس المنصب !.
شكلت محافظة صعدة على مدى السنوات الأخيرة بؤرة للمبيدات المنتهية الصلاحية والمحظورة إسرائيلية الإنتاج. كانت تأتي عبر التهريب وتباع خلسة على نطاق محدود .
مع سيطرة الميليشيا على بعض مناطق اليمن توسعت تجارة المبيدات القاتلة وازدهرت محلاتها وارباحها بالمليارات في ظل غياب الرقابة التي كانت تفرض على أصنافها سابقا و" بتوجيهات عليا ".
في الوقت الراهن تحولت صنعاء وغيرها إلى مزرعة لفضائح المليشيا وآخرها جرائم المشاركة في تسميم اكل المواطن بعد أن قطعوا عليه أغلب مصادر العيش .
يريد السيد من الناس الخروج للتظاهر وترديد " الموت لإسرائيل " لا أن يقولوا الموت للمبيدات الإسرائيلية ومن أتى بها إلينا. الغريب أنه إلى الآن لم يشر في خطاباته ومحاضراته النورانية الإيمانية إلى فضيحة المسرطنات أو حتى خطورة السكوت عنها !.
المؤكد أن الإجراء الوحيد المناسب حوثيا لاحتواء القضية و" بتوجيهات عليا " وأبعد مما يتوقعه المواطن وينتظره ممن يتحملون المسؤولية ويدعون أنهم احتلوا العاصمة وأسقطوا الدولة لانقاذ الشعب.
ستنفذ الميليشيا حملة تهديد ومضايقة لكل من يطالب بإيقاف عملية قتل الشعب بسموم المبيدات الزراعية واعتباره جزء من مؤامرة عدوانية على اليمن ويجب محاكمته.
كما ستقوم باختطاف وسجن من ساهم في تسريب الوثائق ونشرها كي ينال جزاءه العادل.. أما بالنسبة للجناة الحقيقيين ومن تدينهم الوثائق فإنهم مؤمنين آمنين في منازلهم ومخازن تجارتهم ولا خوف عليهم ولا هم يسجنون أو يحاسبون !.