Image

عصابة الحوثي .. صعدنة الدولة ودعشنة البلاد

طيلة سنوات عملت عصابة الإرهاب الحوثية "وكلاء إيران" ، وبكل صلف على الاستحواذ الممنهج على الوظائف والموارد من خلال اتباع سياسة تطفيش أكبر عدد من موظفي الدولة، حتى من أولئك الموالين لها، واستبدالهم بأصحاب صعدة.

إنه زمن صعدنة الدولة ودعشنة البلاد، حسب توصيف الموظف في وزارة الاتصالات (أحمد س. ق. م) والذي أصبح سائق باص بعد أن تم تنحيته من إحدى الإدارات الإيرادية واستبداله بحوثي من صعدة كل مؤهلاته أنه يستطيع أن يقول بكل طلاقة كلمة "سابر". فهذه الكلمة بحسب الموظف أحمد هي الشيفرة التي تمكّن أصحاب صعدة من الدولة.
هذا بالنسبة للدولة. أما البلاد فإن مليشيات الإرهاب قد دعشنتها وحوّلتها إلى بيئة خصبة للإرهاب، حيث نفس "القعش" (الشعور المسدلة) و"الكنى" (أبو فلان) عندهم وعند القاعدة وداعش، حيث يمارسون القتل بالمجان ضد كل مخالف.

أصحاب القعش والكُنى
يؤكد أحمد الموظف في وزارة الاتصالات لـ "المنتصف" أنه ليس الوحيد الذي تم تنحيته من منصبه، بل العشرات وربما المئات وجدوا أنفسهم وقد حل مكانهم أصحاب القعش والكنى، حتى الذين تم استدعاؤهم في أماكن معينة لم يكن ذلك إلا لأنهم كانوا بحاجة إلى خبراتهم، وعندما استطاعوا فهم طبيعة العمل استغنوا عنهم فورا. بل وحتى الذين يعدون أنفسهم حوثيين، وهو واحد منهم كما يقول، لم يعد لهم مكان أمام أصحاب صعدة.

معايير عصبوية وطائفية
على سبيل المثال يرصد الناشط إسماعيل الجرموزي، والدي يعد نفسه حوثيا، كيف يتم ‏استبعاد مبدأ المواطنة وإحلال مبدأ عصبية الأسرة والانتماء للجماعة في مرفق  من مرافق الدولة واستبعاد الكفاءة والنزاهة والخبرة من شروط الوظيفة العامة واستبدالها بمعايير عصبوية ضيقة بل أضيق من الضيق نفسه. 
الجرموزي تحدث عن 32 موظفًا في جهة واحدة من أسرة واحدة تنتمي لمحافظة صعدة كمثال عن المعايير الشائعة التي بات العمل بها في هذا العهد الذي نشهد فيه ردة غير مسبوقة تكشف لنا التعاطي مع الوظيفة العامة باعتبارها غنيمة غالبة في الانقلاب السافر على حق المواطنة. حيث الأسرة الصعداوية أصبحت أحد المعايير المعمول بها في الوظيفة العامة في هذا العهد المعتل في ظل سيطرة عصابة الإرهاب الحوثية.
لا يقتصر الأمر على الوظيفة العامة، بل حتى في ما يطلق عليه شراكة سياسية. حيث تسود حالة من الغضب الشديد في أوساط قيادات الجماعة والذين ليسوا من محافظة صعدة، جراء تهميشهم واستبعادهم من المشهد السياسي.
حيث أن «جناح صعدة» في العصابة الحوثية هو الوحيد المهيمن على كل القرارات، وهو الأمر الذي أظهر العصابة على حقيقتها حيث يتحكم قادتها المنتمون إلى صعدة في كل القرارات، كما أنهم يستأثرون بالمناصب الأكثر أهمية ويستحوذون على معظم الموارد المالية.
على سبيل المثال ما جرى من مفاوضات وحضور الوفد السعودي إلى صنعاء، حيث لم يكن هناك من وجوه في اللقاء إلا وجوه صعدة فقط، وهو الأمر الذي جعل كثيرًا من القيادات الحوثية من محافطات أخرى يعربون عن استيائهم الشديد من الصعدنة الحاصلة. وشملت الانتقادات أوساط قادة العصابة الحوثية المنتمين إلى صنعاء وذمار وإب وتعز وبقية المحافظات؛ حيث استثنتهم الجماعة من المشاركة أو الحضور وقدمت عليهم المنتمين لصعدة حيث معقل زعيم العصابة. 
ناشطون موالون للجماعة في صنعاء أبدوا امتعاضهم الشديد مما قالوا إنه استبعاد بشكل متعمد وغير عفوي لقيادات صنعاء وريفها وإب وعمران وذمار، وغيرها، إضافة إلى إقصاء قيادات في ما يسمى المجلس السياسي، كسلطان السامعي، من حضور المباحثات.

عنصرية ومناطقية الحوثيين
وخاطب أحد السياسيين الموالين للجماعة قادتها من صعدة بالقول «لقد أثبتم للجميع عنصريتكم ومناطقيتكم خلال استقبالكم الوفد العماني والسعودي في صنعاء، إذ كنتم جميعا من أبناء محافظة واحدة هي صعدة».
وعبر سلسلة تغريدات لهم على منصات التواصل، علق آخرون على ظهور كل من محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة وحسين العزي ومهدي المشاط ومحمد عبد السلام وأحمد حامد (ينحدر جميعهم من صعدة) في تلك المباحثات، وقالوا إن هذه القيادات تريد أن توصل رسالة لليمنيين وللعالم أنها فقط المهيمنة على الموقف والمعنية دون غيرها.
وفي حين علق بعضهم ساخرا بالقول: «الفريق من صعدة والمتفاوضون من صعدة والمستقبلون من صعدة ولجنة الأسرى من صعدة»، ذكرت تقارير محلية أن الميليشيات الحوثية منعت وزير الخارجية في حكومتها غير المعترف بها هشام شرف، واكتفت بحضور نائبه حسين العزي المنتمي مناطقيًا إلى صعدة وسلاليًا إلى زعيم الجماعة الحوثية.
ليس ذلك فحسب، بل إن المجال التجاري هو أيضًا أصبح في قبضة أصحاب صعدة، حيث تم تهيئة الساحة لتجار صعدة بشكل لافت ووجدت بقية الأسماء التجارية نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الرحيل وإما الرحيل. فالمكان كله والتسهيلات والدعم وكل ما يتعلق بالبيئة التجارية الآمنة، كل ذلك هو من نصيب تجار صعدة فقط.