محاولات لتجريف الهوية اليمنية.. (رمضان مثالاً) (1-2)
بذات السياق والأسلوب المتعجرف، تستمر مليشيا الحوثي الإرهابية، منذ بداية انقلابها، في محاولة تجريف الصورة التاريخية والإيجابية للمجتمع اليمني، في كل شيء كل شيء دون استثناء في تكوين المجتمع وصولاً إلى العادات والتقاليد وحتى تفاصيل الحياة اليومية، بما في ذلك المرويات التاريخية والعادات والطقوس الدينية خصوصاً في المناسبات المتعلقة بذلك، وفي مقدمة كل ذلك شهر العبادة والصوم والتوجه المطلق لله تعالى شهر رمضان المبارك..
ولقد أثرت التدخلات القهرية، التي ابتدعتها وما تزال هذه العصابة المنقلبة كل لحظة تبتدعها وتفرضها، على التعاطي والتفاعل مع هذا الشهر الكريم لدى اليمنيين، بحيث أصبح اليمنيون اليوم لم يعودوا يشعرون، بما كان يضفيه رمضان، بطقوسه وتغير أنماط وتفاصيل الحياة فيه، من روحانية وتوجه حقيقي وبحت لكل أعمال الخير وإشاعة الطمأنينة والسلام والتواصل الاجتماعي، وغير ذلك من الأعمال والسلوك، وبما يجعل الشهر الكريم وكأنه مناسبة لتنظيف بقية أشهر العام من أية أدران وشوائب تعلق بها..
لقد أصبح معظم اليمنيين اليوم يعيشون تفاصيل وطقوس هذا الشهر، وكأنها ليست تلك التي اعتادوا عليها، وعاشوها منذ قرون من الزمن..!! أصبحت غريبة وتعيش تغريباً وتحويراً وأحياناً تعطيلاً شبه تام مع ما تفرضه هذه العصابة من إملاءات وتوجهات مختلفة ومستجلبة في كل شئون الحياة تقريباً.. حتى لم يعد رمضان اليمنيين هو رمضانهم المعتاد الذي تعايشوا معه منذ فجر الإسلام..!!
لم يكن رمضان لدى اليمنيين مناسبة دينية وحسب، بل كان، لكل ما سلف وأكثر، مناسبة احتفائية أيضاً، فبقدر ما تحتوي الليالي الرمضانية المباركة على حلقات الذكر والتذكير والدرس والإفادة العلمية والفكرية والدينية، كانت تبدو كمهرجانات احتفائية بخصوصية تقاليد هذا الشهر وإحياء برامجه الاجتماعية والثقافية وسهراته المشبعة بالمرح والسعادة وابتكار الجديد والمتجدد الذي يحقق كل ذلك في صفوف المجتمع برمته فقيره وغنيه دون فوارق كبيرة، مع الحفاظ على سقوف وحدود العادات والتقاليد، التي تظل موجها عاماً بل ومصدراً يحظى بالاحترام والإجلال..
حسناً.. وما الذي حدث ليصبح رمضان بهذا الشكل الذي جعل اليمنيين يعيشون هذه السوداوية التي بلغت أقصى حدودها مع رمضان هذا العام..؟! الذي حدث ويحدث هو أن العصابة المنقلبة تصر إصراراً بشعاً وعدوانياً على تجريف عادات اليمنيين في هذا الشهر وإشباع ذاكرتهم بالأكاذيب والخرافات التي تمجدهم وتصورهم وكأنهم آلهات زمنهم المتفردة بكل الأحقيات المطلقة، بدءا من التقديس ومروراً بالسلطة ووصولاً لأحقية الامتلاك والثراء الفاسد والمفسد، على حساب الشعب، الذي لا يجب أن يوضع في أي اعتبار غير كونه مصدراً هيأه لهم ربهم (الذي يدَّعون)، ليكون مصدراً لكل تلك الهبات والأحقيات المدعاة..!!