لماذا يا صاحبي!

03:07 2020/08/13

أخي وزميلي وصاحبي وصديقي ورفيق رحلة مهنية وصاحب أجمل ابتسامة وأجمل نكتة .. رحل أرق إنسان عرفته وزاملته لعقود ؛ رحل الفنان والمبدع المتألق والإنسان الذي تميز بكل القيم الإنسانية الراقية والأخلاقيات التي لم أجدها إلا فيه .. رحل فجأة وبدون مقدمات وبدون صخب أو ضجيج ؛ رحل وهو يبحث عن وطن عشقه حتى الثمالة ؛ وطن رحل صاحبي وهو يبحث عنه ورحل قبله كثيرون وهم يبحثون عنه وسأرحل ويرحل الكثيرون دون أن نجد الوطن المأمول ..!!
 
رحل المبتسم دوما حتى وهو في ذروة الغضب ؛ رحل صاحب النكتة الساخرة والقلب النقي والنفس المسكونة بحب الناس ؛ رحل صاحب العشرة الطيبة والمميزة رحل أحمد الرمعي الأخ والزميل والصديق والرفيق بضعة أيام فقط تفصلنا عن آخر تواصل وآخر ضحكة عانقت مسامعي وآخر عبارة كان دائما يرددها كلما أفتح هاتفه أو أقرأ كلماته وكان دائما يستفتح بها أي مكالمة أو مراسلة ( كيفك يا شيبة ) ؟!!
 
أه ..يا الله .. رحل التهامي النقي والوطني الأنقى .. رحل ابن ( رماع ) ومنه اشتق اللقب ( الرمعي ) خريج ( جامعة أثينا ) .. رحل بعد سنوات من رحيل نبيل السروري و( سوسنته ) ورحيل أمين الحزمي ومحمد عبد الإله العصار وعبد الله بشر وحسن محجوب وعباس غالب وكان لي وله مع هؤلاء الزملاء حكايات وقصص يشهد عليها الأستاذ أحمد الشرعبي _ حفظه الله _ والأستاذ محمد يحيى شنيف _ أطال الله بعمره _ رحل صاحب القلب النقي والابتسامة البريئة والحكايات التي لا تنتهي والتحليلات الكوميدية لتداعيات المرحلة حين تخيم القتامة على النفوس كان أحمد يبددها بسخرية العارف لقوانين الحياة وطقوسها .
 
رحل أحمد الرمعي يا راسل عمر ويا يحي نوري ويا عبد الملك المروني ويا علي الحزمي ويا حسن مشرح ويا محمد حسن شعب ويا جار الله علي محمد ..رحل أحمد الرمعي مبكرا يا كل الرفاق والزملاء والأصدقاء ؛ رحل من كان يبكينا من الضحك ويضحكنا ونحن في ذروة أحزاننا ..كم هي القصص والحكايات والمفردات التي يمكن قولها عن علاقة سنين ؛ رحل أنقانا وأكثرنا حبا وتسامحا .
 
كثيرة هي الليالي التي كنا نقضيها في إعداد الصحف التي كان يتولى إخراجها ( الميثاق ؛ العروبة ؛ صوت المعارضة ) وكم كان جميلا وهو يتندر علينا وعلى صحفنا والأكثر تندرا حين كنا نلتقي في مكتب الأستاذ المرحوم طلال الرجوي صاحب صحيفة ( اليمن السعيد ) رحمة الله على من رحلوا وآخرهم أحمد وحفظ الله الأحياء وأطال بعمرهم ؛ كنت أرتاح وأضحك حتى البكاء من تندره علي شخصيا سواء من كثافة كتاباتي وغزارة إنتاجي وتفرغي للكتابة وغالبا ما كنت أبطل أكتب حين نكون معا اتقاء لتندره الذي كنت أتقبله برحابة صدر ومودة بل كنت أنسى كل ما يتندر به عني وأنا أسمعه يتندر على بقية الزملاء وخاصة على الزميل محمد حسن شعب ؛ أو تندره على الزميل المرحوم عبد الله بشر الذي لقبه رحمة الله عليهما معا بـ( أعشى صعفان ) حيث كان نظر الزميل عبد الله ضعيفا ؛ لكن حين كنا نجتمع مع الزميل المرحوم حسن محجوب ( الشيوعي الهارب من السودان ) للشطر الجنوبي ثم يحتضنه الأستاذ أحمد الشرعبي بعد الوحدة فكان في كل لقاء يجمعنا بالمرحوم حسن محجوب نعيش لحظات وأوقات هي أجمل ما عشتها بكل حياتي ..
 
حقا حتى الآن وأنا أكتب هذه الكلمات لست مقتنعا برحيل أحمد الرمعي ومنذ بلغني النبأ وأنا أحاول الاتصال برقمه ولكني أعدل عن الفكرة في آخر لحظة وقد ضغط كثير على الرقم ولكني أبطل قبل أن يكتمل الطلب ؛ كل شيء تشتت في تفكيري وذاكرتي منذ تلقيت النبأ الفاجعة ويمكن أن يستقرئ القاري هذا في هذه التناولة التي لا أعرف ماذا أريد أن أقول فيها سوى أن أحمد الرمعي رحل عناء كما قالوا ؟!!
 
مات أحمد الرمعي قد يكون ولكنه لن يموت من ذاكرتي مطلقا سيبقى أحمد عائشا معي ومعكم فمثله لا يموت وإن توارى تحت التراب ؟ وكيف يموت من يستوطن الوجدان والذاكرة ؟ كيف يموت من كل شيء حولك يذكرك به الناس الشوارع والأزقة والمدينة المكان والمعالم وحتى أرشيفك والبوم صورك وهاتفك وحاسوبك كل شيء كل شيء يذكرك به .
 
أه .. يا وجع قلبي يا أحمد ..لك الرحمة والسكينة والخلود أما أنا وكثير من الزملاء سنظل نكتوي بحسرات الفراق حتى نلتقي وسنلتقي حتما!